المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

346

عن تجريد الأنا من الأمانة التي اُعطيت إيّاه، والإحياء عبارة عن إرجاع الأمانة إليه مرّة اُخرى.

والغفلة عن هذه النكتة هي التي جعلت المجرمين لا يتوقّعون أن يُختم على أفواههم وتكلّم الله أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون(1)؛ ولهذا يعترضون في يوم القيامة على أعضائهم كما يتحدّث عنهم القرآن بقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْء وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّة وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون﴾(2). أمّا بعد الالتفات إلى هذه النكتة فيصبح إمكان شهادة الجلود والأعضاء لله على الإنسان من الواضحات؛ فإنّ البدن مخلوق مطيع لله يجعله الله تعالى في خدمة النفس حينما يريد، ويسلخه عن خدمتها حيناً آخر.

وبالالتفات إلى هذه النكتة ينعدم تماماً الإشكال الذي عرفته على المعاد الجسماني.

 

العقليّة الماديّة المستبعدة للمعاد الجسماني:

بعد ما اتضح بطلان الشبهتين المتقدّمتين في المعاد الجسماني يبقى مجرّد استبعاد المعاد الجسماني، وهذا الاستبعاد ينتج من العقليّة المادّية التي يصعب عليها تصوّر إعادة الحياة بعد الموت، وهي تكون بأحد شكلين:

الأوّل: العقلية التي قد لا تفهم الحياة إلّا بمعنى الروح النباتية التي تنعدم بالموت، ويستبعد الإنسان المادّي إيجادها مرّة اُخرى من الجسم الذي مات.

 


(1) إشارة إلى الآية 65 من سورة 36 يس.

(2) س 41 فصّلت، الآية: 21.