المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

32

أمّا المقدّمة الاُولى فتوضيحها: أنّ كلّ ما يزخر به عالمنا من الاُمور التي نحسّها له ماهيّة ثابتة في عالم التقرر، ووجود مرتبط بها في لوح الخارج، وهناك بعض الاُمور تعتبر من لوازم الماهية، فتكون ذاتية لها يستحيل انفكاكها عنها من قبيل الزوجية للأربعة، وآية ذلك: أنّها لا تنفكّ عنها حتّى في الوجود الذهني، فلو كانت الزوجية من لوازم الوجود لا الماهية، أو كانت من المقارنات من دون ملازمة لما كان إيجاد الماهية في الذهن غير قابل للانفكاك عن الزوجية. وهناك من الآثار ما قد يعتبر من لوازم الوجود ـ كالإحراق بالنسبة للنار ـ وليس من لوازم الماهية، وآية ذلك: أنّه لا يترتب على الوجود الذهني للماهية، فليس تصوّر النار مثلاً محرقاً، ولو كان من لوازم الماهية لترتّب على تصوّر النار كما يترتّب على وجودها الخارجي؛ لأنّ الماهية مشتركة بين الوجود الذهني والوجود الخارجي حسب التصوّر المعروف في الفلسفة.

يبقى الكلام في النسبة بين نفس الوجود والماهية، وطبعاً لا معنى لافتراض كون الوجود من لوازم وجود الماهية كالإحراق بالنسبة للنار مثلاً؛ لأنّ الوجود هو هو والملازمة فرع نوع من الاثنينيّة، وعليه فيتّجه السؤال إلى أنّ الوجود: هل هو من لوازم الماهية ولا ينفكّ عنها كما أنّ الزوجية لا تنفك عن ماهية الأربعة، أو لا؟ ومجرّد تصوّر ذلك كاف في الإجابة عنه بالنفي لوضوح عدم دخل الوجود في الهويّة التقررية للماهية، ولهذا لا يتحقّق ـ أعني الوجود الخارجي ـ بمجرد تصوّرها ذهناً، وعليه فكل ماهية نفترضها يمكن أن توجد ويمكن أن لا توجد.

ولا أرغب في الاستشهاد لعدم كون الوجود من لوازم أيّ ماهية ممّا حولنا من الماهيات بما قد نحسّ به من حدوثها وتحققها بعد أن لم تكن كما فعله