المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

28

تكون إلّا بالشهود القلبي، ولو أراد المعرفة العقلية لوجود خالق ورازق بالمفهوم الكلّي لكان يناسب أن يقول: ولولا ذلك لم يعرف أحد أنّ له خالقاً ورازقاً (1).

والتفكيك الذي فرضناه بين آية الفطرة وآية الميثاق ـ من حمل الاُولى على ما يناسب كلّ واحدة من الفطرتين العقلية والقلبية أو البديهية والشهود، وحمل الثانية على خصوص الفطرة القلبية والشهود ـ إنّما هو مبلغ فهمنا من ظواهر الآيات.

ولكننا نرى في بعض الروايات مايدل على أنّ المقصود بالآيتين أمر واحد، وأنّ فطرة الله التي فطر الناس عليها هي في زمن أخذ الميثاق، فقد ورد في صحيحة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «سألته عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾(2) ما تلك الفطرة؟ قال: هي الإسلام، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد قال: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُم﴾ وفيه المؤمن والكافر»(3).

وختم الكلام: أنّه لا شك كتاباً وسنّة وعقلاً في فطرية وجود الله تعالى على مستوى فطرة العقل والقضايا التي تكون قياساتها معها، ولا أظنّ أنّه يختلف في ذلك اثنان من الموحّدين، وتبدو من بعض الآيات والروايات فطريته على مستوى فطرة القلب والإحساس والشهود، وسلام الله على الإمام المعصوم الحسين الشهيد الذي قال حسب ما ورد عنه في دعاء يوم عرفة: «كيف يستدلّ عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك، أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتّى يكون هو المظهر لك، متى غبت حتّى تحتاج إلى دليل يدلّ عليك، ومتى


(1) راجع معارف قرآن 1: 40.

(2) س 30 الروم، الآية: 30.

(3) الكافي 2: 12، باب فطرة الخلق على التوحيد من كتاب الإيمان والكفر، الحديث 2.