المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

269

وعليه فالظاهر أنّ المقصود بالركوع في الآية محلّ البحث هو الركوع المعروف.

الثانية: الواو في قوله: ﴿وَهُمْ رَاكِعُون﴾ واو حاليّة، بمعنى أنّ إيتاءهم للزكاة كان في حالة الركوع وليست عاطفة، وإلّا لكان المفروض أن يقال: ويركعون، لا أن يقال: ﴿وَهُمْ رَاكِعُون﴾ الذي يدلّ على الاستمرار؛ لوضوح أنّ حالة الركوع المعروف ـ أي الحالة الانحنائيّة ـ ليست دائميّة ومستمرّة.

إذن الآية ناظرة إلى قضيّة خارجيّة، وهي ما وقع صدفة واتفاقاً من أنّ التصدّق كان في حالة الركوع، والتاريخ لايحكي لنا شيئاً من هذا القبيل إلّا بشأن عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، إذن الولاية له.

نعم روى الفخر الرازي في تفسيره عن عكرمة: أنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر(1)، لكن هذا لا يعني أنّ المتصدّق في حالة الركوع كان هو أبا بكر، فإنّهم لا يفسّرون قوله: ﴿وَهُمْ رَاكِعُون﴾ بمعنى التصدّق في حالة الركوع، أي الانحناء الصلاتي المألوف، بل يفسّرونه بمعنى الطاعة تارة، وبمعنى كونه كناية عن أنّ من شأنهم إقامة الصلاة اُخرى، باعتبار أنّ الركوع جزء من الصلاة شرّفه بالذكر ونحو ذلك. أمّا قصّة التصدّق في حالة الانحناء الصلاتي المعروف فلم يرد في التاريخ إلّا بشأن عليّ(عليه السلام).

ولنعم ما روي عن حسّان بن ثابت بشأن عليّ(عليه السلام):

وأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعاً
زكاةً فدتك النفس يا خير راكع
فأنزل فيك الله خير وَلاية
وبيّنها في محكمات الشرائع
 

 


(1) راجع تفسير الفخر الرازي 12: 26.