المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

266

والوجه الابتدائي للاستدلال بهذه الآية على ذلك أنّه: لا خلاف بين الشيعة والسنّة في أنّهم كانوا يسجدون للأصنام في بداية أمرهم، وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم﴾(1)، وقد نصّت الآية المباركة على أنّ عهد الله لا ينال الظالمين.

ويعترض عادة على ذلك: بأنّ المشتقّ حقيقة في المتلبّس دون ما انقضى عنه المبدأ، والخلفاء الثلاثة في رأي إخواننا السنّة قد انقضى عنهم مبدأ الظلم.

وقد يجاب على ذلك: بأنّ عظمة مقام الإمامة وجلالتها قرينة على استخدام المجاز وجعل المشتقّ مستعملاً في الأعم من المتلبّس والمنقضي عنه المبدأ.

أقول: لو انحصر الإشكال في مسألة انقضاء المبدأ وغضّ النظر عن نكتة أخرى، أمكن الجواب عنه: بأنّ الآية شملتهم حين سجودهم للصنم، فإنّهم في ذلك الوقت كانوا متلبّسين بالمبدأ، ودلّت في ذلك الوقت على أنّهم لا ينالهم العهد إلى الأبد.

إلّا أنّه يقال في مقابل ذلك: إنّ ظاهر ربط حكم بعنوان هو تعاصر زمن الحكم للعنوان، فلو قيل: (قلّد المجتهد العادل) كان ظاهره هو التقليد في زمن الاجتهاد والعدالة، لا في ما بعد أن تحوّل إلى حالة لا يعلم بعد علم شيئاً، أو تحوّل إلى حالة الفسق. ولو قيل: (لا تقلّد الفاسق) فظاهره النهي عن تقليده في وقت فعلية الفسق دون ما بعده.

وهنا أيضاً قد يجاب بأنّ عظمة وجلالة مقام الإمامة قرينة على رفع اليد عن هذا الظهور.

ولكنّنا نقول هنا شيئاً آخر لا نحتاج معه إلى تلك القرينة؛ وذلك لوجود قرينة


(1) س 31 لقمان، الآية: 13.