المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

255

ودين موسى الحقيقي كان هو الإسلام، وكما قال الله تعالى: ﴿مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِك﴾(1)، إلّا أنّ الاسلام في العهود السابقة كان فيه شيء من النقص نتيجة ما كان يناسب تطبيقه في تلك الأزمنة، ولكن برسالة الرسول(صلى الله عليه وآله): ﴿أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ﴾ ـ الذي كان قبل الرسول(صلى الله عليه وآله) ـ ديناً كاملاً برسالة الرسول(صلى الله عليه وآله).

إلّا أنّ هذا المعنى لا يناسب قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْن﴾، فإنّ رسالة الرسول(صلى الله عليه وآله) لم تُيئس الكافرين؛ ولهذا أقاموا ضدّها الحروب المدمِّرة والساحقة لكثير من الطرفين.

الثاني: أن يكون المشار إليه يوم إنزال تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اُهلّ لغير الله به.

وهذا أيضاً غير محتمل؛ وذلك لأنّه:

أوّلاً: إنّ هذه الأحكام ليست في الأهمّية بدرجة ينسب إليها إكمال الدين أو الرضا بسببها لكون الإسلام ديناً.

وثانياً: إنّ هذه الأحكام لم توجب يأس الذين كفروا كما هو واضح.

الثالث: أن يكون المشار إليه يوم تشريع الخلافة؛ إذ به يكمل الدين؛ لأنّه بإهماله يصبح الدين في مهبّ الريح، وليس المقصود تشريع الخلافة بمعنى إنزال فكرة الشورى والانتخاب المؤدّية إلى تعيين الخليفة؛ لأنّ مجرّد إنزال فكرة الشورى والانتخاب لا يوجب يأس الذين كفروا ما لم ينته إلى التعيين العملي؛ لأنّ الكافرين يطمعون عندئذ في أن لا تنتهي الشورى إلى وحدة الكلمة أو إلى انتخاب الشخص الحكيم حقيقةً القادر على حفظ الدين، فينحصر الأمر في كون


(1) س 41 فصّلت، الآية: 43.