المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

254

الله تعالى عن ذلك بقوله: ﴿وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس﴾، فيا ترى ما هو الذي كان يوجب هذا التخوّف ويحتاج هذا التأمين من جميع أحكام الإسلام إلّا حكم تعيين الخلافة في من لا يرضى به المنافقون؟ أمّا لو كان الحكم بشأن الخلافة عبارة عن الأمر بالشورى والانتخاب فهذا لم يكن يوجب بشأن إبلاغه أيّ تخوّف، ولم يكن يحتاج إلى تأمين خاصّ.

وعليه فيمكن الاستدلال بهذه الآية المباركة على أنّ الثابت بشأن الإمامة هو النصّ الخاصّ من الله، وليس الشورى أو الانتخاب أو رأي الأكثريّة.

وممّا يدل على أنّ التأكيد كان على النصّ وليس الشورى أو الانتخاب آية الإكمال، وهي قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَة غَيْرَ مُتَجَانِف لاِِّثْم فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم﴾(1).

ووجه الاستدلال: أنّ المشار اليه بكلمة ﴿الْيَوْم﴾ في قوله: ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ﴾ وفي قوله: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ واحد بلا إشكال، والمحتمل فيه أحد اُمور ثلاثة:

الأوّل: أن يكون المشار إليه عصر رسالة الرسول(صلى الله عليه وآله)، وليس يوماً معيّناً كيوم الغدير أو أيّ يوم آخر، وتوضيح ذلك: أنّ الدين الحقيقي كان دائماً هو الإسلام كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَم﴾(2)، فحتّى دين المسيح الحقيقي


(1) س 5 المائدة، الآية: 3.

(2) س 3 آل عمران، الآية: 19.