المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

252

بعده، لا ينازعهم فيه إلّا ظالم)(1).

وقال الحباب بن المنذر وهو يشجّع الأنصار على التماسك: (أملكوا عليكم أيديكم، إنّما الناس في فيئكم وظلّكم...، فإن أبى هؤلاء فمنّا أمير ومنهم أمير).

فردّ عليه عمر قائلاً: (هيهات، لا يجتمع سيفان في غمد...، من ذا يخاصمنا في سلطان محمّد وميراثه ونحن أولياؤه وعشيرته إلّا مُدل بباطل أو متجانف لإثُمّ أو متورّط في هلكة).

إنّ الطريقة التي مارسها الخليفة الأوّل والخليفة الثاني للاستخلاف، وعدم استنكار عامّة المسلمين لتلك الطريقة والروح العامّة التي سادت على الجناحين المتنافسين من الجيل الطليعي ـ المهاجرين والأنصار ـ يوم السقيفة، والاتجاه الواضح الذي بدا لدى المهاجرين نحو تقرير مبدأ انحصار السلطة بهم وعدم مشاركة الأنصار في الحكم، والتأكيد على المبرّرات الوراثيّة التي تجعل من عشيرة النبي(صلى الله عليه وآله) أولى العرب بميراثه، واستعداد كثير من الأنصار لتقبّل فكرة أميرين، أحدهما من الأنصار والآخر من المهاجرين، وإعلان أبي بكر الذي فاز بالخلافة في ذلك اليوم عن أسفه لعدم السؤال من النبيّ عن صاحب الأمر بعده، كلّ ذلك يوضّح بدرجة لا تقبل الشكّ أنّ هذا الجيل الطليعي من الاُمّة الإسلاميّة ـ بما فيه القطّاع الذي تسلّم الحكم بعد وفاة النبيّ ـ لم يكن يفكّر بذهنيّة الشورى، ولم يكن لديه فكرة محدّدة عن هذا النظام، فكيف يمكن أن نتصوّر أنّ النبيّ مارس عمليّة توعية على نظام الشورى تشريعيّاً وفكريّاً، وأعدّ جيل المهاجرين والأنصار لتسلّم قيادة الدعوة بعده على أساس هذا النظام، ثمّ لا نجد


(1) المصدر السابق 6: 8.