المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

248

ولم يحضر صناديق الرأي اعتراضاً على تلك الصناديق؟ هل يُخرجون من البلد بحكم الأكثريّة أو يحكمون بحكم منتخَب الأكثريّة؟ وكلا الفرضين يعني تحكّم الأكثريّة عليهم. وهكذا يتجلّى أنّ الديمقراطيّة الغربيّة يستحيل أن تنجو وتخلو من هذه الدكتاتوريّة. ولنا بحث مفصّل في إبطال ولاية الشورى بمعنى الديمقراطيّة في كتابنا أساس الحكومة الإسلاميّة.

وأمّا الأساس الثاني ـ وهو تأسيس الشورى على أنّ الله تعالى الذي بيده الحكم هو الذي أعطى حقّ الانتخاب للنّاس أنفسهم ـ فهذا ما بحثناه أيضاً مفصّلاً في كتابنا أساس الحكومة الإسلاميّة.

ونكتفي هنا بالإشارة إلى أنّ الآية الشريفة: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْر﴾ بعيدة كلّ البعد عن فكرة ولاية الشورى ووجوب إطاعة رأي الأكثريّة؛ وذلك بقرينة أنّ الله تعالى عطف على هذه الجملة قوله: ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّه﴾(1) ممّا يدل بوضوح على أنّ العزم كان بيد رسول الله(صلى الله عليه وآله)من قبل الله، ولم تكن تحكمه ولاية الشورى أو رأي الأكثريّة.

وأمّا قوله تعالى: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ فهو الآخر لا يدلّ أيضاً على ولاية الشورى، وإنّما يعني الاستضاءة بأفكار الآخرين عن طريق التشاور معهم، وهذا غير ولاية الشورى أو تحكيم رأي الأكثريّة، والدليل على ذلك: أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) لو كان يعتقد بأنّ الذي يجب أن يخلفه بعده هو الذي تنتخبه الأكثريّة عن طريق الشورى والإدلاء بالأصوات لكان يجب عليه تثقيف الاُمّة على شروط الشورى: فما هو سنّ الناخبين؟ وما هو سنّ المنتخبين؟ وهل الانتخاب لأهل الحلّ والعقد أو لذوي الحصافة في العقل المعترف بهم لدى


(1) س 3 آل عمران، الآية: 159.