المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

24

قياساتها معها، ولم نعرف منها الإشارة إلى خصوص العلم الحضوري أو الإحساس المباشر بالله سبحانه عزّ وجلّ.

ولكن في القرآن آية قد تستفاد منها الإشارة إلى العلم الحضوري والإحساس المباشر به سبحانه، وهي آية الذرّ أو الميثاق. قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾(1).

وقد ذكر علماؤنا الأبرار احتمالات عديدة في تفسير هذه الآية(2)نقتصر هنا على ذكر ثلاثة منها:

الأوّل: أن تكون الآية إشارة إلى عالم جمعيّ يسمّى بعالم الذرّ أو الميثاق؛ جمع فيها كلّ بني آدم وسحبهم على صورة الذرّ من صلب آدم(عليه السلام)، وأخذ منهم الميثاق وأشهدهم على أنفسهم، وعلى هذا الاحتمال لا بأس بافتراض السؤال والجواب بلسان المقال.

وأظنّ أنّ هذا الاحتمال أبعد الاحتمالات عن الصواب؛ لصراحة الآية المباركة في أخذ الذريّة من ظهور بني آدم جميعاً لا من ظهر آدم(عليه السلام).

الثاني: أن تكون الآية إشارة إلى زمان يختلف باختلاف الأشخاص، وهو زمان انتقال النطفة من صلب الأب إلى رحم الاُمّ، وعليه فالآية لاتشير إلى عالم واحد جمع فيه كلّ بني آدم، ولا إلى خطاب شعوري عرفه الناس وأجابوه بالاختيار والشعور، بل تشير إلى أنّ فكرة التوحيد قد عجنت في فطرة كلّ أحد


(1) س 7 الأعراف، الآية: 172 ـ 173.

(2) راجع پيام قرآن 3: 108 ـ 115، ومنشور جاويد 2: 63 ـ 82.