المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

238

 

التوحيد المطروح في الإسلام والقرآن

 

للتوحيد المطروح من قبل الإسلام في القرآن مستويان:

الأوّل: التوحيد الذي به قوام إسلام المسلم، وهو شهادة أن لا إله إلّا الله، وهذا يشتمل على التوحيد في الخلق وفي الرزق وفي الربوبيّة وفي العبادة، وما إلى ذلك ممّا هو داخل في جملة لا إله إلّا الله، ولكن هذا التوحيد في بساطته يدركه كلّ مسلم حتّى ذلك المسلم الساذج الذي يتصوّر انفكاك الخالق عن المخلوق من سنخ انفكاك البنّاء عن البيت.

والثاني: التوحيد في الوجود المستقلّ، وهذا إن رأينا طرحه من قبل الفلاسفة الإسلاميّين أو العرفاء المسلمين فإنّما أخذوه من القرآن الذي قال: ﴿هُوَ الاَْوَّلُ وَالاْخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيم﴾(1)، وقال: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد﴾(2)، وما إلى ذلك من مثل هذه الآيات.

ولقد أخطأ من حمل هذه الآيات على وحدة الموجود ونفي أيّ فارق بين الله ومخلوقاته، وبحجّة أنّه لولا الوحدة لكان وجود المخلوقات حدّاً لله، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً، فإنّ هذا الرأي ينتهي إلى إبطال بعث الرسل وإنزال الكتب وإبطال الثواب والعقاب، وما إلى ذلك من مخاطر؛ إذ لا معنى لبعث الرسل وإرسال الكتب أو تثبيت الثواب أو العقاب على الشبكات العدمية التي يتراءى من خلالها الوجود مقطّعاً ومحدّداً، فإنّ الأعدام لا تعي ولا تدرك، ولا معنى لإرسالها أو تثبيتها على الوجود الذي يُرى خلال تلك الشبكات؛ لأنّ


(1) س 57 الحديد، الآية: 3.

(2) س 50 ق، الآية: 16.