المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

227

النكتة الاُولى: لئن كان احترام الأبوين إلى حدّ التذلّل لهما والاهتمام بمداراتهما وبقضاء حوائجهما يعتبر أمراً طبيعيّاً في المجتمع الإسلامي، فهذا أمر مأخوذ من القرآن ومن مبدأ الوحي والإسلام، ولو أردنا أن نعرف ما هو الذي يترشّح في هذا الموضوع من عقل الإنسان غير المستنير بنور القرآن يجب أن ننظر إلى المجتمع الغربي الذي لم يتربّ ولو بمقدار تربيتنا الناقصة على يد القرآن. وها نحن نرى أنّ البارّ من أولادهم غاية ما يفعل لأبيه أو اُمّه العجوزين العاجزين هو أن ينقله إلى دار العجزة أو المستوصف الحكوميين، ولن يعود الشابّ إلى ذاك المكان عادةً إلّا بعد إبلاغه خبر موته، فيعود بهدف بيع جثمانه للمستشفى. كما نرى كثيراً منهم يفضّل تربية كلب وتبنّيه على تربية ولد واحتضانه؛ لأنّ الكلب له صفة الوفاء والولد لا وفاء له ولو بمقدار وفاء الكلب، هذا هو مستوى إدراك من لم يتربّ تربية قرآنيّة.

النكتة الثانية: إنّ الله تبارك وتعالى قرن الإحسان بالوالدين بعبادته سبحانه وتعالى ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أن لاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾، ويبدو لنا في سرّ ذلك أنّ الله هو المنعم الحقيقي، وأوّل نعمه علينا هو نعمة الوجود، فهو الخالق لنا، والأبوان لهما دخل أيضاً في خلقنا وإيجادنا في حين أنّ ذلك خلق وإيجاد مجازي لا حقيقي؛ إذ ليسا إلّا من المقدّمات الإعداديّة التي كانت مقدّميّتهما أيضاً من إفاضات الله سبحانه، وقد يتّفق أنّهما لم يعملا ما عملا لأجلنا بل لأجل شهوتهما الجنسيّة، وقد لا تتحمّل الاُمّ مشاقّ الحمل والوضع والرضاعة إلّا لمشتهياتها النفسيّة أيضاً، ولكن مع هذا كلّه أوجب هذا المقدار من الدخل لإيجاد الأولاد شكرهم لهما إلى حدّ خفض جناح الذلّ لهما من الرحمة.

ولئن كان الشابّ الغربي البعيد عن تعاليم القرآن لا يتحمّلهما لدى الكبر إلّا بمقدار النقل إلى شبه المستشفيات ثُمّ عيادتهما بعد موتهما لبيع جسدهما، فإنّ