المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

225

التنافس في تلك، فالأفضل ـ حتّى لمن لا يدرك إلّا الملاذّ المادّيّة ـ صرف عنان التنافس إلى تلك النعم الخالدة؛ اذ لا يخلق التنافس فيها أيّ مشكلة من المشاكل، بل التنافس فيها يجرّ الإنسان إلى الأعمال الفاضلة والحميدة لا إلى الشرّ والظلم. ألا وهي الجنّة التي عرضها السماوات والأرض اُعدّت للمتّقين.

والآيات التي تشير إلى نعم الجنّة اللامتناهية كثيرة، نكتفي هنا بالإشارة إلى واحدة منها، قال الله تعالى: ﴿إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ * فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * عَلَى سُرُر مُّتَقَابِلِينَ * يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْس مِن مَّعِين * بَيْضَاء لَذَّة لِّلشَّارِبِينَ * لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ * وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ * كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْض يَتَسَاءلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ ءَإِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ * ءَإِذا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً ءَإِنّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ * أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الاُْولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَل الْعَامِلُون﴾(1).

ولم ينفِ القرآن حالة التنافس الموجودة في ذات البشريّة ـ التي هي مثار الفتن بالنسبة لنعم الدنيا ـ ولم يردع عنها، بل صرفها من النعم الضيّقة والفانية التي يؤدّي التنافس فيها إلى التكالب والتضارب إلى تلك النعم التي لا يكون طريق الوصول إليها إلّا ترك الظلم والطغيان، وأمر بالتنافس فيها ورغّب البشريّة في ذلك كما قال: ﴿إِنَّ الاَْبْرَارَ لَفِي نَعِيم * عَلَى الاَْرَائِكِ يَنظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيق مَّخْتُوم * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ


(1) س 37 الصافات، الآية: 40 ـ 61.