المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

19

وأمّا ثبوت ذلك ولو بمرتبة دنيا لعامّة الناس في هذا العالم فهذا ما لا يستفاد من آيات الفطرة، فمن أحسّ بحالة الشهود والعلم الحضوري بالله سبحانه وتعالى فهنيئاً له، سواء أكان هذا الإحساس بسبب شفّافية خاصّة لوجدانه وفطرته، أو بسبب ترويض النفس وتهذيبها وانقطاعها التربوي عن المادّيات، أو بسبب انقطاع علائقه بالمادّيات صدفة في حالة غرق مثلاً أو نحو ذلك.

أمّا من لم يحصل له شهود بسبب من الأسباب فمجرد آيات الفطرة لا تبرهن له على هذا الشهود؛ لإمكان حملها على البداهة.

وقد تلحق بآيات الفطرة آيات الالتجاء إلى الله لدى اليأس من الأسباب المادّية، ولعل أبرزها ثلاث مقاطع من القرآن الكريم:

1 ـ ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لِّكُلِّ صَبَّار شَكُور * وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ كُلُّ خَتَّار كَفُور﴾(1).

2 ـ ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيح طَيِّبَة وَفَرِحُوا بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَان وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾(2).

3 ـ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾(3).


(1) س 31 لقمان، الآية: 31 ـ 32.

(2) س 10 يونس، الآية: 22 ـ 23.

(3) س 29 العنكبوت، الآية: 65.