المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

18

باطنيّ فطريّ مباشر به سبحانه وتعالى بالرغم من أنّه قد يغيب عن الذهن بسبب تراكم العلائق المادّيّة.

وأيّ التفسيرين هو الصحيح؟

لا شكّ في صحة الفطرية بالمعنى الأوّل؛ لفطرية بعض براهين وجود الله سبحانه للكلّ، كبرهان النظم أو حساب الاحتمالات الذي سوف يأتي شرحه، وكبرهان الصديقين لدى بعض النفوس الذكيّة الوقّادة وسوف يأتي أيضاً بيانه إن شاء الله.

وأمّا الفطرية بمعنى الإحساس الحضوري فلا إشكال في أنّه لا يوجد الإحساس بها في الحالات الاعتيادية لدى الناس الاعتياديّين، وتفسير الآيات بها غير واضح بعد صدق الفطرية على البداهة أيضاً، وفي الفلسفة أيضاً لا نجد شاهداً على فطرية الإيمان بالله بمعنى الشهود والإحساس الحضوريين؛ لأنّ الفلسفة تقول: إنّ وجود الخالق هو الوجود المستقل، ووجود المخلوق هو عين الربط والتعلق، ولعله يأتي في المستقبل بيان ذلك إن شاء الله، ومن المعلوم أنّ الوجود الربطي والتعليقي هو الذي يجب أن يكون حاضراً لدى الوجود الحقيقي والمستقل، وأنّ الوجود الحقيقي والمستقل هو الذي يجب أن يكون واجداً للوجود الربطي والتعلّقي بالعلم الحضوري لا العكس.

نعم يبدو من القرآن حصول الشهود بعين القلب والإحساس الحضوري مرّتين لرسول الله(صلى الله عليه وآله) على أحد التفسيرين لآيات سورة النجم، وكذلك يبدو منه ذلك للمؤمنين أو لبعضهم في يوم القيامة في قوله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾(1).

 


(1) س 75 القيامة، الآية: 22 ـ 23.