المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

17

 

 

 

 

 

فطرية الإيمان بالله تعالى

 

يدلّ القرآن الكريم على أنّ الإيمان بالله أمر فطري للبشر، إمّا وحده وإمّا ضمن فطرية الدين، قال الله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾(1)، وقال عزّ من قائل: ﴿صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ﴾(2)فهاتان الآيتان المباركتان صريحتان في فطرية الدين أو الإيمان بالله عزّ وجلّ.

إلّا أنّ هذه الفطرية يمكن تفسيرها بأحد تفسيرين:

الأوّل: الفطرية بمعنى البداهة، وهذا لا ينافي استبطانه للبرهان؛ فقد يحتاج حكم معيّن إلى البرهان إلّا أنّ برهانه حاضر لدى فطرة العموم لا يغيب عن الذهن لدى تصور القضية، وعلى هذا الأساس سمّى أصحاب المنطق الصوري قسماً من البديهيات بـ «الفطريات» وهي التي قياساتها معها، بمعنى أنّ الحد الأوسط لا يغيب عن الذهن لدى تصور الأصغر والأكبر فتعتبر النتيجة بديهيّة.

الثاني: الفطرية بمعنى كون الإيمان بالله عن علم حضوري وعن إحساس


(1) س 30 الروم، الآية: 30.

(2) س 2 البقرة، الآية: 138.