المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

130

وحاصل الكلام أنّ في البلايا والمحن مصالح وملاكات لا نعلمها ويعلمها الله تعالى، وقد ذكر بعض تلك المصالح في الآيات والروايات منها:

 

1 ـ الامتحان:

قال الله تعالى: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِين﴾(1).

وقد ورد عن محمّد بن قيس بسند صحيح قال: «سمعت أبا جعفر(عليه السلام) يقول: إنّ ملكين هبطا من السماء فالتقيا في الهواء، فقال أحدهما لصاحبه: في ما هبطت؟ قال: بعثني الله عزّ وجلّ إلى بحر إيل أحشر سمكة إلى جبّار من الجبابرة اشتهى عليه سمكة في ذلك البحر، فأمرني أن أحشر إلى الصيّاد سمك البحر حتّى يأخذها له ليبلغ الله عزّ وجلّ غاية مناه في كفره(2)، ففي ما بعثت أنت؟ قال: بعثني الله عزّ وجلّ في أعجب من الذي بعثك فيه، بعثني إلى عبده المؤمن الصائم القائم المعروف دعاؤه وصوته في السماء لاُكفئ قدره التي طبخها لإفطاره ليبلغ الله في المؤمن الغاية في اختبار إيمانه»(3).

وهذا محتمل روايات شدّة البلاء بشدّة الإيمان، فكلّما قوي إيمان الشخص وخرج من الامتحان الأدنى استحقّ الامتحان الأعلى؛ لتصعد درجات إيمانه، من قبيل ما ورد بسند صحيح عن هشام بن سالم عن الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «إنّ أشدّ الناس بلاءً الأنبياء ثُمّ الذين يلونهم ثُمّ الأمثل فالأمثل»(4)، فحال الإنسان


(1) س 29 العنكبوت، الآية: 2 ـ 3.

(2) كأنّه إشارة إلى الاستدراج.

(3) البحار 67: 229، باب شدّة ابتلاء المؤمن وعلّته، الحديث 40.

(4) الكافي 2: 252، باب شدّة ابتلاء المؤمن، الحديث 1.