المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

127

والفرق بين الوجهين: أنّ الأوّل ينظر إلى المشاكل الذاتيّة كالبلادة أو المعتوهية أو النقص في الخلقة، والثاني ينظر إلى المشاكل العرضيّة كالفقر أو المرض أو الزلازل أو الطوفان أو الطاعون أو القحط أو ما إلى ذلك.

وقد يجاب عن الأوّل فلسفيّاً: بأنّ الذاتي لا يعلّل، وأنّ الله تعالى لم يسلب من الناقص شيئاً كي يكون ذلك ظلماً، وإنّما كان بذاته ناقصاً، والله خلقه، وهذا معنى ما قد يقال: إنّ الله لم يجعل المشمش مشمشاً بل أوجده.

إلّا أنّ هذا الجواب إن تمّ لم يشمل الوجه الثاني.

أمّا الجواب الشامل لكلا الوجهين فحاصله: جهل البشر بالمصالح والمفاسد، فربّما تكون المصلحة في العمى، ولو كان الأعمى بصيراً لانهمك في معاصي العين مثلاً، وربّما تكون المصلحة في الفقر كما إذا كان هذا الإنسان ليطغى أن رآه استغنى.

وقد دلّت على ذلك روايات عديدة من قبيل ما ورد في الكافي عن أبي عبيدة الحذّاء بسند صحيح عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): قال الله عزّ وجلّ: إنّ من عبادي المؤمنين عباداً لا يصلح لهم أمر دينهم إلّا بالغنى والسعة والصحّة في البدن فأبلوهم بالغنى والسعة وصحّة البدن فيصلح عليهم أمر دينهم.

وإنّ من عبادي المؤمنين لعباداً لا يصلح لهم أمر دينهم إلّا بالفاقة والمسكنة والسقم في أبدانهم، فأبلوهم بالفاقة والمسكنة والسقم فيصلح عليهم أمر دينهم، وأنا أعلم بما يصلح عليه أمر دين عبادي المؤمنين.

وإنّ من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي، فيقوم من رقاده ولذيذ وساده فيتهجّد لي الليالي فيتعب نفسه في عبادتي، فأضربه بالنعاس الليلة