المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

124

 

عدل الله(سبحانه وتعالى)

 

قد جعل العدل لدى الشيعة أصلاً من اُصول العقائد، مع أنّه صفة من صفات الفعل كباقي صفات الفعل؛ ولعلّ السبب في إفراده بالذكر في مقابل أصول التوحيد والنبوّة والمعاد أمران:

الأوّل: أمر واقعي، وهو أنّ العدل أمر لو اُنكر لانهارت مبادئ واُصول كثيرة، ولانهارت أيضاً تربية البشرية، فمن المحتمل أنّ الله تعالى يعاقب المطيعين ويثيب العاصين، وهذا معناه انهيار اُصول الدين وفروعه تماماً، ولا يبقى معنى لبعث الأنبياء وإنزال الأحكام ولا للتصديق بيوم الجزاء.

الثاني: أمر تاريخي، وهو أنّ قسماً من السنّة أصرّوا على نفي هذا الوصف عن الله تعالى، إمّا على أساس إنكار الحسن والقبح العقليين أو على الأقل إنكار دركهما لنا، وإمّا على أساس الإيمان بالجبر وعدم الإيمان بالاختيار ممّا لا يُبقي مجالاً لدعوى كون مجازاة فاعلي الشرّ عدلاً، وإمّا على أساس أنّ مالكيّة الله سبحانه وتعالى لعبيده تعطيه حقّ أن يفعل بهم ما يشاء من دون أن يبقى معنى للظلم في ما إذا عاقبهم بلا ذنب.

وهذا كلّه أوجب تأكيد العدليّة على عدل الله سبحانه وتعالى، وعدّ الشيعة العدل أصلاً من اُصول العقائد، فوجود الحسن والقبح العقليين وجدانيّ عندهم، وكذلك الاختيار، بل لا نظن بمنكري الحسن والقبح العقليين أو منكري الاختيار أن يمشوا في تصرفاتهم العمليّة على مبانيهم العقلية في الحسن والقبح أو الجبر والاختيار، فلا نظنّهم مثلاً أن يسكتوا عن لوم من يضرب يتيمهم من