المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

117

الإنسان بحجة: أنّ اختياره معلوم حضوريّ لنفوسنا أو محسوس لنا بالوجدان، فبعد كلّ هذا يبقى سؤال صغروي عمّا هو الدليل على أنّ الله سبحانه وتعالى فاعل بالاختيار؟

وبالإمكان أن يقال في المقام: إنّ الجبر نقص وهذا خلاف كمال الوجود المستقل الذي أثبتناه ببرهان الصدّيقين.

إلّا أنّ هذا يعتبر رجوعاً إلى برهان الصدّيقين، ونحن نبحث عن برهان مستقلّ عن ذاك البرهان.

والجواب: أنّه مضى منّا في إثبات حدوث العالم عدد من البراهين على حدوثه، وكان منها ما يرجع إلى استنباط العلم الحديث الذي اكتشف محدوديّة الطاقة الحراريّة للعالم، وأنّه متّجه إلى البرود باستمرار، وأنّه لو كان قديماً لكانت الطاقة الحراريّة والحركة الدائبة زائلتين منذ زمن طويل.

فإذا ثبت الحدوث ثبت الاختيار لله سبحانه وتعالى؛ لأنّه لو كان نشوء العالم منه كنشوء المعلول القهري من علّته لكان العالم قديماً بقدم علّته ولم يكن حادثاً.

الثاني: لو كانت قدرته سبحانه وتعالى مطلقة لزم من ذلك قدرته على مثل الجمع بين النقيضين وإدخال العالم من دون تصغيره في البيضة من دون تكبيرها، وما إلى ذلك من المستحيلات.

والجواب على ذلك: هو أنّ عدم شمول قدرته سبحانه وتعالى للمستحيلات الذاتيّة لا يعني نقصاً في قدرته، بل يعني أنّ المستحيل ليست له أرضيّة قبول القدرة، وعدم امتداد القدرة إلى ما ليست له قابليّة ذلك لا يعني تحديداً في طرف القدرة.

وقد ورد مثال إدخال العالم في البيضة من دون تكبير البيضة أو تصغير