المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

116

أن لا يضع بيضه إلّا في بقعة من قاع البحر تقرب نسبة الملح فيها 35% وتبعد عن سطح البحر بما لا يقلّ عن 1200 قدم، ففي هذه البقعة يحرص الثعبان على رمي بيضه حيث لا ينضج إلّا مع توافر هذين الشرطين؟

ومن الطريف ما يحكى من أنّ عالماً صنع جهازاً خاصّاً، وزوّده بالحرارة المناسبة وببخار الماء وسائر الشروط التي تتوفّر في عملية طبيعيّة لتوليد كتاكيت من البيض، ووضع فيه بيضاً ليحصل منه على دجاج، فلم يحصل على النتيجة المطلوبة، فعرف من ذلك أنّ دراسته لشرائط التوليد الطبيعي ليست كاملة، فأجرى تجارب اُخرى على الدجاجة حال احتضانها البيض، وبعد دقّة فائقة في الملاحظة والفحص اكتشف أنّ الدجاجة تقوم في ساعات معيّنة بتبديل وضع البيضة وتقليبها من جانب إلى جانب، فأجرى التجربة في جهازه الخاص مرّة اُخرى مع إجراء تلك العمليّة التي تعلّمها من الدجاجة فنجحت نجاحاً باهراً، فقل لي بوجدانك: من علّم الدجاجة هذا السرّ الذي خفي على ذلك العالم الكبير، أو من ألهمها هذه العمليّة الحكيمة التي لا يتم التوليد إلّا بها؟»(1).

 

إشكالان وجوابهما:

الأوّل: القدرة متقوّمة بالاختيار وقرائن النظم والتدبير والعظمة تنسجم مع الجبر أيضاً، فهل من دليل على الاختيار؟ وأقصد بذلك اختيار الله سبحانه وتعالى، أي إنّ البحث هنا بحث صغروي ولا علاقة له بالبحث الكبروي عن الجبر والاختيار، فلنفترض أنّنا قد انتهينا في بحث الجبر والاختيار من معقولية الاختيار وإبطال شبهات ضرورة الجبر، بل حتّى من البحث الصغروي لاختيار


(1) فلسفتنا: 347 ـ 348.