المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

115

نور، طول ذلك العمود في السماء مسيرة مئتين وخمسين سنة(1)، ولعلّ المقصود بالعمود الرابط قوّتا الجاذبة والدافعة.

أقول: كلّ هذا ـ ونسبته إلى جميع آيات النظم والإحكام أقلّ من نسبة القطرة إلى البحر ـ أليس دليلاً على قدرة الله سبحانه التي لا يحدّها حدّ؟

وينفعنا في المقام ما مضى في بحث إثبات الصانع من حديث لنا حول دلائل القصد والحكمة فراجع.

وحاصل الكلام: أنّ الدليل العلمي على علم الله سبحانه وعلى قدرته هو عين الدليل العلمي على وجوده سبحانه، وهو عبارة عن دلائل القصد والحكمة المنبثّة في العالم أجمعه، ولا نريد أن ندخل في شرح ذلك؛ لأنّه مضى منّا في بحث إثبات الصانع قدر من البيان حول دلائل القصد والحكمة، فهنا نحيلك على ذاك البحث المشروح نسبيّاً، على الرغم من أنّ ما مضى لو قيس بواقع دلائل القصد والحكمة في العالم لكانت النسبة أضأل من نسبة القطرة إلى البحر، ونحيلك أيضاً على البحث الرائع الممتع لاُستاذنا الشهيد(قدس سره) في أواخر كتاب فلسفتنا تحت عنوان: «المادّة والوجدان» والذي ورد في أواخره قوله:

«وأخيراً فلنقف لحظة عند علم النفس لنطلّ على ميدان جديد من ميادين الإبداع الإلهي، ولنلاحظ من قضايا النفس بصورة خاصّة قضيّة الغرائز التي تنير للحيوانات طريقها وتسدّدها في خطواتها؛ فإنّها من آيات الوجدان البيّنات على أنّ تزويد الحيوان بتلك الغرائز صنع مدبّر حكيم وليس صدفة عابرة، وإلّا فمن علّم النحل بناء الخلايا المسدّسة الأشكال، وعلّم كلب البحر بناء السدود على الأنهار، وعلّم النمل المدهشات في إقامة مساكنه، بل من علّم ثعبان البحر


(1) تفسير البرهان 4: 15 نقلاً عن تفسير علي بن إبراهيم.