المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

111

الاعتراض على الآية واضح؛ فإنّ كشف حقيقة الجنين من ناحية الذكورة والاُنوثة بالنظر إليه بالوسائل الحديثة ليس إلّا من قبيل النظر إليه بعد ولادته، ولا يدّعي أحد أنّ الاطّلاع على الذكورة والاُنوثة بالحاسّة الباصرة مخصوص بالله تعالى، وإنّما المخصوص به هو الاطّلاع عليه رغم أنّه مستور في الرحم فلعل المقصود بالآية المباركة هو هذا المقدار من الأمر.

إلّا أنّ المستشعر من بعض الروايات السابقة أنّ الاطّلاع على حقيقة الجنين في الرحم كالاطّلاع على وقت القيامة لا يمكن أن يتحقّق لأحد وليس أمراً يمكن كشفه بالحس، فحاله حال الساعة التي لا يطّلع عليها أحد ولو كان نبيّاً مرسلاً، كما دلّت عليه الآية المباركة: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا * إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا﴾(1)، وكذلك قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون﴾(2)، فإذا كان الأمر هكذا فيرد الاستفسار عن أنّه كيف يقال: إنّ العلم بحقيقة ما في الأرحام مخصوص بالله تعالى مع أنّ العلم الحديث قد كشف النقاب عن حقيقة ما في الأرحام من ذكر أو اُنثى بالحسّ؟!

والجواب: أنّه بناءً على هذا الاحتمال يجب أن تحمل الآية على معنى معرفة حقيقة ما في الرحم ليس من ناحية الذكورة والاُنوثة فحسب، بل ومن ناحية صفاته الجميلة أو الرذيلة وسعادته وشقائه وما إلى ذلك، وهذا ما لا يمكن كشفه إلّا بالعلم بالغيب، كما ورد ذلك عن إمامنا أمير المؤمنين(عليه السلام)، حيث ذكر في تفسير الآية المباركة: «فيعلم الله سبحانه ما في الأرحام: من ذكر أو اُنثى، وقبيح


(1) س 79 النازعات، الآية: 42 ـ 44.

(2) س 7 الأعراف، الآية: 187.