المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

101

3 ـ والأشرف منهما أن تكون بملاك الكمال المطلق للمعبود.

وكلّ هذه الملاكات الثلاثة منحصرة في الله سبحانه وتعالى، فإنّ المخلوقين هم المحتاجون، والغنيّ الحقيقي المطلق هو الخالق، وهل يرحم المخلوق إلّا الخالق؟ وكذلك الملكيّة الحقيقيّة بمعنى الواجديّة الحقيقيّة لله سبحانه المالك لجميع ما خلق، وكذلك من هو أهل للعبادة لأنّه الكمال المطلق إنّما هو واجب الوجود سبحانه وتعالى.

والنصوص المحرّمة في الكتاب والسنّة لعبادة غير الله لعلّها فوق حدّ الإحصاء، منها قوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُون﴾(1) فترى الآية المباركة قد جعلت الشرك اسما لتعدد المعبود.

بل لم ينقل في القرآن عن مشركي مكّة إلّا الشرك في العبادة، قال الله تعالى عن لسانهم:﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾(2)، فأمّا أصل اختصاص الخلق بالله تعالى فقد كان معترفاً به من قِبَلهم كما قال الله تعالى:﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّه﴾(3)، وكذلك قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ * وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُون﴾(4)، فالظاهر أنّ المقصود بالشرك في هذه الآية إمّا هو الشرك في العبادة أو الشرك في الربوبيّة لا الشرك في الخلق؛ لأنّه لو لم يكن عدم الشرك في الخلق مسلّماً عندهم فما معنى الاحتجاج عليهم بقوله: ﴿أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ


(1) س 9 التوبة، الآية: 31.

(2) س 39 الزمر، الآية: 3.

(3) س 39 الزمر، الآية: 38.

(4) س 7 الأعراف، الآية: 190 ـ 192.