المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

97

الجزء الأكبر منها غير واضح ويتطلّب جهداً علمياً ومعاناةً في الدرس والبحث، ففي المجال الصحي ـ مثلا ـ يعلم كلّ إنسان ـ بحكم التجربة الساذجة في حياته ـ أنّه إذا تعرّض إلى مناخ بارد فجأةً فقد يصاب بأعراض حمّى، ولكنّ كثيراً من أساليب الوقاية والعلاج لا يعرفها إلّا عن طريق الطبيب، ولا يعرفها الطبيب إلّا بالبحث والجهد، وهكذا الحال في مجال التعمير والبناء، ومجالات الزراعة والصناعة على اختلاف فروعها.

ومن هنا وجد كلّ إنسان أنّه لا يمكن عملياً أن يتحمّل بمفرده مسؤولية البحث والجهد العلمي الكامل في كلّ ناحية من نواحي الحياة؛ لأنّ هذا عادةً أكبر من قدرة الفرد وعمره من ناحية، ولا يتيح له التعمّق في كلّ تلك النواحي بالدرجة الكبيرة من ناحية اُخرى، فاستقرّت المجتمعات البشرية على أن يتخصّص لكّل مجال من مجالات المعرفة والبحث عدد من الناس، فيكتفي كلّ فرد في غير مجال اختصاصه بما يعلمه على البديهة، ويعتمد في ما زاد عن ذلك على ذوي الاختصاص؛ محمّلا لهم المسؤولية في تقدير الموقف، وكان ذلك لوناً من تقسيم العمل بين الناس سار عليه الإنسان بفطرته منذ أبعد العصور.

ولم يشذّ الإسلام عن ذلك، بل جرى على نفس الأساس الذي أخذ به الإنسان في كلّ مناحي حياته، فوضع مبدأي الاجتهاد والتقليد. فالاجتهاد: هو التخصص في علوم الشريعة، والتقليد: هو الاعتماد على المتخصّصين، فكلّ مكلف يريد التعرّف على الأحكام الشرعية يعتمد أوّلا على بداهته الدينية العامة، وما لا يعرف بالبداهة من أحكام الدين يعتمد في معرفته على المجتهد المتخصّص.

ولم يكلّف الله تعالى كلّ إنسان بالاجتهاد ومعاناة البحث والجهد العلمي من