المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

83

لا يمكن التأكّد من دليلها لا يمكن أيضاً أن يكلّف الله سبحانه وتعالى بالاعتقاد بها، أو البحث عن وسيلة لإثباتها، إذ ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسَاً إلّا ما آتَاها﴾(1). ونحن اليوم نعتمد في إيماننا بالأنبياء السابقين ـ صلوات الله عليهم ـ وبمعاجزهم على إخبار القرآن الكريم بذلك.

 

ثالثاً: أنّ مرور الزمن ـ كما عرفنا ـ لا ينقص من قيمة الدليل الأساس على الرسالة الإسلامية، ولكن ليس هذا فقط، بل إنّه أيضاً يمنح هذا الدليل أبعاداً جديدةً من خلال تطوّر المعرفة البشرية، واتّجاه الإنسان إلى دراسة الكون بأساليب العلم والتجربة؛ وليس ذلك فقط لأنّ القرآن الكريم سبق إلى الاتّجاه نفسه وربط الأدلّة على الصانع الحكيم بدراسة الكون والتعمّق في ظواهره، ونبّه الإنسان إلى ما في هذه الدراسة من أسرار ومكاسب؛ بل لأنّ الإنسان الحديث يجد اليوم في ذلك الكتاب ـ الذي بشّر به رجل اُمّي في بيئة جاهلة قبل مئات السنين ـ إشارات واضحةً إلى ما كشف عنه العلم الحديث، حتى لقد قال المستشرق الانجليزي (أجنيري) ـ اُستاذ اللغة العربية في جامعة اُكسفورد ـ عندما اكتشف العلم دور الرياح في التلقيح: « إنّ أصحاب الإبل قد عرفوا أنّ الريح تلقّح الأشجار والثمار قبل أنّ يتوصّل العلم في اُوروبا إلى ذلك بعدّة قرون »(2).

رابعاً: أنّ هذه الرسالة جاءت شاملةً لكلّ جوانب الحياة، وعلى هذا الأساس استطاعت أن توازن بين تلك الجوانب المختلفة وتوحّد اُسسها، وتجمع في إطار صيغة كاملة بين الجامع والجامعة، والمعمل والحقل، ولم يعد الإنسان


(1) الطلاق: 7.
(2) يشير بذلك إلى قوله سبحانه وتعالى: (وَأرْسَلْنا الرِّياحَ لَواقِحَ). الحجر: 22