المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

818

ولم تقتصر على الأعمال التي تجسّد مظاهر التعظيم لله سبحانه وتعالى فقط،كالركوع والسجود والذكر والدعاء، بل امتدّت إلى كلّ قطاعات النشاط الإنساني.

فالجهاد عبادة وهو نشاط اجتماعي، والزكاة عبادة وهي نشاط اجتماعي مالي، والخمس عبادة وهو نشاط اجتماعي مالي أيضاً، والصيام عبادة وهو نظام غذائي، والوضوء والغسل عبادتان، وهما لونان من تنظيف الجسد.

وهذا الشمول في العبادة يعبّر عن اتّجاه عامٍّ في التربية الإسلامية يستهدف أن يربط الإنسان في كلّ أعماله ونشاطاته بالله تعالى، ويحوّل كلّ ما يقوم به من جهد صالح إلى عبادة مهما كان حقله ونوعه، ومن أجل إيجاد الأساس الثابت لهذا الاتّجاه وُزّعت العبادات الثابتة على الحقول المختلفة للنشاط الإنساني، تمهيداً إلى تمرين الإنسان على أن يسبغ روح العبادة على كلّ نشاطاته الصالحة، وروح المسجد على مكان عمله في المزرع أو المصنع أو المَتْجَر أو المكتب ما دام يعمل عملا صالحاً من أجل الله سبحانه وتعالى.

وفي ذلك تختلف الشريعة الإسلامية عن اتّجاهين دينيّين آخرين، وهما:

أولا: الاتّجاه إلى الفصل بين العبادة والحياة.

وثانياً: الاتّجاه إلى حصر الحياة في إطار ضيّق من العبادة، كما يفعل المترهّبون والمتصوّفون.

أمّا الاتّجاه الأول الذي يفصل بين العبادة والحياة فيدَع العبادة للأماكن الخاصّة المقرّر لها، ويطالب الإنسان بأن يتواجد في تلك الأماكن ليؤدّي لله حقّه ويتعبّد بين يديه، حتّى إذا خرج منها إلى سائر حقول الحياة ودّعَ العبادة وانصرف إلى شؤون دنياه إلى حين الرجوع ثانيةً إلى تلك الأماكن الشريفة.

وهذه الثنائية بين العبادة ونشاطات الحياة المختلفة تشلّ العبادة وتعطّل