المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

808

الخاصّة ـ ليكون قادراً على العطاء، وعلى الإيثار وعلى القصد الموضوعيالنزيه.

والعبادات تقوم بدور كبير في هذه التربية الضرورية؛ لأنّها ـ كما مرّ بنا ـ أعمال يقوم بها الإنسان من أجل الله سبحانه وتعالى، ولا تصحّ إذا أدّاها العابد من أجل مصلحة من مصالحه الخاصّة، ولا تسوغ إذا استهدف من ورائها مجداً شخصياً وثناءً اجتماعياً وتكريساً لذاته في محيطه وبيئته، بل تصبح عملا محرّماً يعاقب عليه هذا العابد، كلّ ذلك من أجل أن يجرّب الإنسان من خلال العبادة القصد الموضوعي، بكلّ ما في القصد الموضوعي من نزاهة وإخلاص وإحساس بالمسؤولية، فيأتي العابد بعبادته من أجل الله سبحانه وفي سبيله بإخلاص وصدق.

وسبيل الله هو التعبير التجريدي عن السبيل لخدمة الإنسان؛ لأنّ كلّ عمل من أجل الله فإنّما هو من أجل عباد الله؛ لأنّ الله هو الغني عن عباده، ولمّا كان الإله الحقّ المطلق فوق أيّ حدٍّ وتخصيص لا قرابة له لفئة ولا تحيّز له إلى جهة كان سبيله دائماً يعادل من الوجهة العملية سبيل الإنسانية جمعاء. فالعمل في سبيل الله ومن أجل الله هو العمل من أجل الناس ولخير الناس جميعاً، وتدريب نفسي وروحي مستمّر على ذلك.

وكلّما جاء سبيل الله في الشريعة أمكن أن يعني ذلك تماماً سبيل الناس أجمعين. وقد جعل الإسلام سبيل الله أحد مصارف الزكاة، وأراد به الإنفاق لخير الإنسانية ومصلحتها. وحثّ على القتال في سبيل المستضعفين من بني الإنسان، وسمّـاه قتالا في سبيل الله، ﴿ وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُوْنَ في سَبِيلِ اللهِ وَالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ... ﴾(1).

 


(1) النساء: 75.