580

إضرار(1)،وفيه نظر(2). نعم، لا يقع في يمين بأن كان غرضه الزجر عن فعل كما لو قال: إن كلّمتك فأنت عليَّ كظهر اُمّي، أو البعث على فعل كما لو قال: إن تركت الصلاة فأنت عليَّ كظهر اُمّي(3)، ولو قيّده بمدّة كشهر أو سنة ففي صحّته إشكال.

ومع إرادة الوطء تجب الكفّارة، بمعنى تحريم الوطء حتّى يكفّر، فإن طلّق وراجع في العدّة لم تحلَّ حتّى يكفّر، ولو خرجت عن العدّة، أو كان الطلاق بائناً وتزوّجها في العدّة، أو مات أحدهما، أو ارتدّ بنحو لا يمكن الرجوع إلى الزوجيّة كما لو كان الارتداد قبل الدخول أو بعده وكان المرتدّ الرجل عن فطرة فلا كفّارة.

ولو وطأ قبل التكفير عامداً لزمه كفّارتان: إحداهما للوطء، والاُخرى لإرادة العود إليه(4). وتتكرّر الكفّارة بتكرّر الوطء، كما أنّها تتكرّر بتكرّر الظهار مع تعدّد المجلس،



(1) الشاهد على أنّه لا يقع في إضرار: حديث حمران عن أبي جعفر(عليه السلام): «لا يكون ظهار في يمين ولا في إضرار». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 2 من الظهار، ح 1، ص 307.

(2) إن كان هدفه من الظهار الإضرار، فإنّي لا أعرف وجه النظر في بطلان الظهار بعد أن ورد في حديث حمران: «ولا يقع في إضرار». نعم، إن كان المقصود: أنّ الظهار إذا كان مضرّاً فهو باطل فمن الواضح: أنّ الظهار في ذاته مضرّ؛ لأنّه يجعلها كالمعلّقة، فلا تستطيع الزواج؛ لأنّها غير مطلّقة، ولا يقاربها زوجها؛ لأنّه ظاهرها.

(3) وذلك لما ورد في صحيح زرارة من قوله(عليه السلام): «لا يكون الظهار في يمين»(1).

(4) كأنّه يقصد(رحمه الله): أنّه لو أراد إعادة الزوجة إلى نفسه، ولكنّه وطأها قبل إعادتها إلى نفسه، وجبت عليه كفّارتان: إحداهما كفّارة وطء المرأة المظاهرة، والثانية كفّارة إعادتها إلى نفسه.


(1) راجع الرواية في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 4 من المظاهرة، ح 1، ص 310، وب 6، ح 8، ص 314.

581

أمّا مع اتّحاده ففيه إشكال(1)، ولو عجز لم يجزِهِ الاستغفار على الأحوط(2).

وإذا رافعته أنظره الحاكم ثلاثة أشهر من حين المرافعة، فيضيّق عليه بعدها حتّى يكفّر أو يطلّق بلا خلاف، بل ادّعي عليه الإجماع، والنصّ يدلّ عليه في الجملة(3).

ولو ظاهر زوجته الأمة ثمّ اشتراها ووطأها بالملك فلا كفّارة.



(1) لاحتمال أنّ ذلك يعدّ ظهاراً واحداً.

(2) أي: أنّ الأحوط أنّ العجز لا يوجب كفاية الاستغفار فتبقى ذمّته مشغولة.

(3) المقصود بالنصّ: موثّق أبي بصير(1).


(1) قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن رجل ظاهر امرأته، قال: إن أتاها فعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستّين مسكيناً، وإلّا ترك ثلاثة أشهر، فإن فاء فليس عليه شيء وهي امرأته، وإلّا اُوقف حتّى يُسأل: لك في امرأتك حاجة أو تطلّقها؟ فإن فاء فليس عليه شيء وهي امرأته، وإن طلّق واحدة فهو أملك برجعتها». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 18 من الظهار، ص 337.

ومعنى كون دلالة النصّ عليه في الجملة: هو أنّ المدّعى كان مضايقة الحاكم على الزوج في المأكل والمشرب كي يضطرّ إلى التكفير أو الطلاق، في حين أنّ النصّ لم يدلّ على هكذا مضايقة، بل دلّ على أنّه بعد نظرته ثلاثة أشهر اُوقف حتّى يُسأل: هل لك في امرأتك حاجة أو تطلّقها؟ فإن فاء فليس عليه شيء وهي امرأته، وإن طلّق ـ يعني: بعد الفيء ـ فهو أملك برجعتها.

وقد وصلنا في النسخة التي رأيناها من منهاج الصالحين المعلّق عليه من قبل اُستاذنا الشهيد التعليق هنا بقوله(رحمه الله): «غير أنّ النصّ لا يخلو من ضعف، والأحوط إجراء حكم الإيلاء في المقام».

أقول: أمّا الضعف السنديّ فليس إلّا كون وهيب بن حفص واقفيّاً، لكنّه واقفيّ ثقة.

وأمّا «أنّ الأحوط إجراء حكم الإيلاء في المقام» فلا علاقة له بالمقام، ولعلّه انحرف في مقام الكتابة أو الاستنساخ عمّا إذا كان الظهار في يمين، بمعنى: زجر نفسه عن فعل أو إجبار نفسه على فعل، فلعلّه قال اُستاذنا في ذاك المورد: إنّ الأحوط إجراء حكم الإيلاء.

583

 

كتاب الإيلاء

585

 

 

 

 

 

وهو الحلف على ترك وطء الزوجة، ولا ينعقد بغير اسم الله تعالى(1)، ولا لغير إضرار، فلو كان لمصلحة وإن كانت راجعةً إلى الطفل لم ينعقد إيلاء، بل انعقد يميناً وجرى عليه حكم الأيمان(2)، ويشترط وقوعه من بالغ كامل مختار قاصد وإن



(1) كما دلّ على ذلك صحيح الحلبيّ في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، الباب الأوّل من أبواب الإيلاء، ح 1، ص 341، والباب الثامن من تلك الأبواب، ح 1، ص 347. ولا يختصّ بالحلف باسم الجلالة، بل يشمل كلّ أسماء الله الحسنى(1).

(2) لصحيح حفص بن البختريّ عن أبي عبدالله(عليه السلام): «...فإن تركها من غير مغاضبة أو


(1) ويحمل عرفاً ذكر اسم الجلالة في الروايات على المثاليّة، أو يتمسّك بإطلاق صحيح حفص بن البختريّ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «إذا غاضب الرجل امرأته فلم يقربها من غير يمين أربعة أشهر فاستعدت عليه، فإمّا أن يفيء، وإمّا أن يطلّق، فإن تركها من غير مغاضبة أو يمين فليس بمؤل». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من الإيلاء، ح 2، ص 342.

ولعلّ اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) ينظر إلى أحد هذين الوجهين حينما قال تعليقاً على قول المصنّف: «ولا ينعقد بغير اسم الله تعالى» ما نصّه: «أي: بأحد أسمائه عزّ وجلّ، ولا يختصّ باسم الجلالة».

أمّا لو غاضب الرجل امرأته فلم يقربها من غير يمين أربعة أشهر، فقد قال اُستاذنا الشهيد ما نصّه: «كان لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ، فيجبره على أن يصالح أو يطلّق». أقول: لأنّ مقاربة الزوج لامرأته في كلّ أربعة أشهر مرّة واجبة.

586

كان عبداً أو خصياً، بل(1) مجبوباً على إشكال قويٍّ فيمن لا يتمكّن منالإيلاج(2). ولابدّ أن تكون المرأة منكوحةً بالدائم مدخولا بها(3)، وأن يولي



يمين، فليس بمؤل»(1).

(1) إمّا أنّ كلمة «بل» غلط والصحيح «أو»، أو أنّ المقصود بذلك: وحتّى لو كان مجبوباً بشرط أن يكون من آلته ما يتحقّق به اسم الجماع(2).

(2) لصحيح ابن أبي يعفور عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «لا إيلاء على الرجل من المرأة التي يتمتّع بها». التهذيب، ج 8، ب 1 من كتاب الطلاق، ح 22، ص 8 بحسب طبعة الآخونديّ، ولرواية اُخرى(3).

(3) لبعض الروايات(4).


(1) الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من الإيلاء، ح 2، ص 342.

(2) فيكون مشمولاً لإطلاق الأدلّة.

أمّا الذي يكون عاجزاً عن الإيلاج فلا يتحقّق منه الإيلاء؛ لأنّ الإيلاء يعني: الحلف على ترك وطء الزوجة، وبالنسبة للعاجز عن الوطء يكون الحلف حلفاً على ترك الممتنع، ولأنّه لا مغاضبة في ذلك.

(3) وهي صحيحة أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن الرضا(عليه السلام) قال: «سألته عن الرجل يؤلي من أمته، فقال: لا، كيف يؤلي وليس لها طلاق؟!». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 7 من الإيلاء، الحديث الوحيد في الباب، ص 346.

(4) كصحيح الفضيل بن يسار قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن رجل مملّك ظاهر من امرأته، فقال لي: لا يكون ظهار ولا إيلاء حتّى يدخل بها»، وصحيح محمّد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام)أو عن أبي عبدالله(عليه السلام): «قال في المرأة التي لم يدخل بها زوجها، قال: لا يقع عليها إيلاء ولا ظهار».

والحديثان موجودان في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 8 من الظهار،ح 1 و2، ص 316.

587

مطلقاً أو أزيد من أربعة أشهر، فإذا رافعته أنظره الحاكم إلى أربعة أشهر من حين المرافعة، فإن رجع وكفّر بعد الوطء، وإلّا ألزمه بالطلاق أو الفئة والتكفير، ويضيّق عليه في المطعم والمشرب حتّى يقبل أحدهما(1)، ولو طلّق يقع الطلاق رجعيّاً وبائناً على حسب اختلاف موارده(2). ولو آلى مدّةً فدافع حتّى خرجت فلا كفّارة



(1) يبدو: أنّه لا خلاف في مسألة التضييق عليه في المأكل والمشرب(1).

(2) هذا مطابق للقاعدة(2).


(1) أمّا من حيث الروايات فالروايات المصرّحة بذلك لا تخلو جميعاً من ضعف. راجع الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 11 من الإيلاء، ص 353 ـ 355. والرواية الاُولى منها ضعيفة بمعلّى بن محمّد، والرواية الثالثة منها ضعيفة بإسحاق بن بنان. وباقي روايات الباب مراسيل، ولكن قد يمكن الاستدلال على المطلوب بروايات الإيقاف، وفيها ما هو تامّ سنداً، من قبيل:

صحيح محمّد بن مسلم عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «سألته عن رجل آلى من امرأته حتّى مضت أربعة أشهر، قال: يوقف، فإن عزم الطلاق اعتدّت امرأته كما تعتدّ المطلّقة، فإن فاء فأمسك فلا بأس».

وصحيح عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «سألته عن الإيلاء، فقال: إذا مضت أربعة أشهر ووقف، فإمّا أن يطلّق، وإمّا أن يفيء. قلت: فإن طلّق تعتدّ عدّة المطلّقة؟ قال: نعم». نفس المصدر، ب 12 من تلك الأبواب، ح 1 و2، ص 355. فإنّ المقصود: لو كان مجرّد الإيقاف من دون تضييق في المأكل والمشرب، فهذا ما يطلبه بعض الناس، لاكتفائه بذلك في إمرار المعيشة.

(2) ودلّ عليه بعض الروايات التامّة سنداً كصحيح بريد بن معاوية عن أبي عبدالله(عليه السلام)ـ الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 10 من الإيلاء، ح 1، ص 351 ـ: «... فإذا مضت أربعة أشهر وقف، فإمّا أن يفيء فيمسّها، وإمّا أن يعزم على الطلاق فيخلّي عنها حتّى إذا حاضت وتطهّرت من محيضها طلّقها تطليقة قبل أن يجامعها بشهادة عدلين، ثمّ هو أحقّ برجعتها ما لم تمض الثلاثة الأقراء».

ولم أرَ بذلك معارضاً تامّ السند.

588

عليه، وعليه الكفّارة لو وطء قبله، ولو ادّعى الوطء فالقول قوله مع يمينه، وفئة القادر هو الوطء قبلا، وفئة العاجز إظهار العزم على الوطء مع القدرة، ولا تتكرّر الكفّارة بتكرّر اليمين إذا كان الزمان المحلوف على ترك الوطء فيه واحداً.