390

136 ـ والعاشر: المياه العامّة (1).


فلم يكن للمقتول أولياء من المسلمين إلّا أولياء من أهل الذمّة من قرابته، فقال: على الإمام أن يعرض على قرابته من أهل بيته الإسلام، فمن أسلم منهم فهو وليّه يدفع القاتل إليه، فإن شاء قتل، وإن شاء عفا، وإن شاء أخذ الدية، فإن لم يسلم أحد كان الإمام وليّ أمره، فإن شاء قتل، وإن شاء أخذ الدية، فجعلها في بيت مال المسلمين; لأنّ جناية المقتول كانت على الإمام، فكذلك تكون ديته لإمام المسلمين. قلت: فإن عفا عنه الإمام؟ قال: فقال: إنّما هو حقّ جميع المسلمين، وإنّما على الإمام أن يقتل أو يأخذ الدية، وليس له أن يعفو»(1).

(1) والعاشر: المياه العامّة:

لصحيحة حفص بن البختري عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «إنّ جبرئيل كرى برجله خمسة أنهار ولسان الماء يتبعه: الفرات، ودجلة، ونيل مصر، ومهران، ونهر بلخ، فما سقت أو سقي منها فللإمام، والبحر المطيف بالدنيا»(2).

وقد أتى الشيخ الكلينيّ(قدس سره) لهذا الحديث بسند هو من أوضح الأسانيد صحّة واعتباراً وهو: «عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص البختريّ».

إلّا أنّ العيب الموجود في هذا الحديث ما جاء فيها من كلمة «أو سقي منها»، فأصل أن تكون المياه العامّة من الأنفال أمر معقول، ومنسجم أيضاً مع ما هو المتعارف لدى حكومات اليوم من سيطرتها عادة على المياه العامّة، وكذلك الأمر فيما سقت، فإنّ ما سقت تكون من المحياة إحياءً طبيعيّاً، وقد مضى البحث عن كونها من مصاديق «كلّ أرض لا ربّ لها» وقد تعرّضنا لذلك في نهاية بحثنا عن رقبة الأرض.


(1) المصدر نفسه، ح 1، ص 124.

(2) الوسائل، ب 1 من الأنفال، ح 18.

391


ولكن التعامل مع «ما سُقي منها» معاملة الأنفال لا أظنّ أحداً يفتي به، فهذا الجزء الأخير من الرواية قد يخلق إشكالاً في المقام. فإن قلنا: إنّ سقوط جملة من الرواية بالإعراض لا يسقط باقي الرواية عن الحجّيّة، تمّ الاستدلال بالحديث على المقصود. على أنّه قد يكون الجزء الأخير ممّا اُبيح إباحة عامّة من قبل صاحب الأنفال كإباحة الأرض للإحياء.

وعلى أيّ حال، فبقطع النظر عن هذه الرواية قد جزم الشيخ المنتظري بأنّ البحار والشطوط والأنهار الكبار من الأنفال، ببيان: أنّ المقياس في كون الشيء من الأنفال كونه من الأموال العامّة غير المتعلّقة بالأشخاص.

ومن هنا ألحق الشيخ المنتظريّ الخطوط الجوّيّة بذلك، فليس لأحد حقّ العبور منها من دون إذن وليّ الأمر(1).


(1) راجع ولاية الفقيه، ج 4، ص 100.

393

 

 

 

 

أرض الخراج

 

 

395

 

 

 

 

137 ـ وهذه مثال للقسم الثالث من الأموال العامّة: وهو ما يكون مملوكاً لعموم المسلمين.

وأرض الخراج: هي التي فتحت بالقتال من قِبَل المسلمين في حرب مشروعة، وكانت عامرة حين الفتح. وخراجها للمسلمين(1).

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

19 / ربيع الآخر / 1426 هـ

 

 


(1) وللتشابك الموجود بين هذا البحث وبحث الأنفال اضطررنا فيما سبق أن نورد شيئاً من هذا البحث، ونحيل التفاصيل بأكثر ممّا مضى إلى بحث الجهاد إن وفّقنا الله لذلك.