453

1 ـ الإشارة أقوى من الوصف:

الحلّ الأوّل ـ ما جاء في المكاسب للشيخ الانصاري (رحمه الله) نقلاً عمّن لم يسمّه من أن غاية ما يمكن ان يفترض هو فرض تعارض الإشارة والوصف والإشارة أقوى من الوصف.

وقد جاء هذا الحل في ذيل ما أشرنا إليه من كلام نقله الشيخ وهو: «انّ هذا الإشكال اشتباه ناشئ عن عدم الفرق بين الوصف المعيّن للكليات والوصف المعين في الشخصيات وبين الوصف الذاتي والعرضي وان أقصى ما هناك كونه من باب تعارض الإشارة والوصف والإشارة أقوى(1)» وقد حمل الشيخ الاصفهاني (رحمه الله)(2) ذلك على نقل كلام صاحب الجواهر معترفاً بانّ ما رآه في الجواهر يختلف عن هذا الكلام فقد جاء في الجواهر بعد نقل التامّل في صحّة البيع عن الاردبيلي ما يلي: «وإن كان هو ضعيفاً كالأوّل(3) أيضاً ضرورة ابتنائه على عدم الفرق بين وصف المعيّن والوصف المعيّن وبين الذاتي والعرضي» هذا ما ورد في الطبعة الجديدة للجواهر(4) ولكن الموجود في تعليقة الشيخ الاصفهاني على المكاسب نقلاً عن الجواهر التعبير بعبارة «أو بين الذاتي والعرضي» أي انّ العطف يكون بـ «أو» لا بالواو ونسخة الطبعة الجديدة من الجواهر تطابق نسخة المكاسب الموجودة عندي وهي طبعة الشهيدي فان العطف فيها أيضاً بالواو، وعلى أيّة حال


(1) المكاسب 2: 250.

(2) راجع تعليقته على المكاسب 2: 89.

(3) إشارة إلى مطلب آخر نقله أوّلاً عن بعض وضعفه.

(4) جواهر الكلام 23: 94.

454

فالمهم من الفرق بين ما في المكاسب وما في الجواهر هو زيادة ما ورد في المكاسب من عبارة: «وان أقصى ما هناك كونه من باب تعارض الإشارة والوصف والإشارة أقوى» فانّ هذه الزيادة غير موجودة في عبارة الجواهر في بحث خيار الرؤية، وقال الشيخ الاصفهاني «ولم أظفر بما ذكره في سائر المباحث المناسبة للمقام (يعني في الجواهر)».

ولعل هذا يوجب احتمال ان الشيخ (رحمه الله) لم يكن يقصد ما فهمه الاصفهاني من الإشارة إلى عبارة الجواهر بل ينقل من مكان آخر لم نظفر به.

وعلى أيّة حال فخلاصة هذا الجواب انّنا لو سلّمنا ان الوصف يفيد تقييد متعلق العقد فالإشارة تفيد عدم التقييد بهذا الوصف المفقود والإشارة أقوى من الوصف.

وهذا الوجه لو تم لا يحلّ الصياغة الثانية من الإشكال إذ أن صاحب الصياغة الثانية يقول: فليكن متعلق العقد هو ذات المشار إليه بحكم الإشارة لكن رضاي القلبي على أي حال مشروط بكتابة العبد مثلاً لانّ العبد الذي لا يكتب لا يحقق تمام أهدافي التي اشتريته لأجلها.

وبالإمكان ان يقال: إنّ هذا الوجه لو تمّ فهو وإن كان يحل إشكال عدم مطابقة المعقود عليه للموجود خارجاً لأنّ أقوائية الإشارة تثبت ان العقد وقع على نفس ما هو موجود في الخارج، لكنه لا يفسّر الفرق بين الوصف الجوهري والوصف الجانبي، فإذا كانت الإشارة أقوى من الوصف فلم لا يصح العقد في الوصف الجوهري أيضاً؟! إلّا ان يقصد انّ الإشارة أقوى من الوصف الجانبي، أمّا الوصف الجوهري فلا يقلّ تأثيراً عن الإشارة ومع التعارض والتساقط أو اقوائية الوصف يبطل العقد.

455

وعلى أيّة حال فهذا الوجه لا يحل إشكال الخيار حيث قد يقال: إنّ الوصفإن كان قيداً فلم لا يبطل العقد لعدم تطابق المعقود عليه لما في الخارج؟! وإن لم يكن قيداً فلماذا يثبت الخيار؟! فهذا السؤال لا زال باقياً على حاله حيث يقال: إن كانت الإشارة أقوى من الوصف فلماذا يثبت الخيار وإلّا فلماذا يصح العقد؟! وطبعاً لا أقصد بهذا الكلام تسجيل إشكال على مَن يؤمن بهذا الوجه بدعوى انّ عليه أن ينكر الخيار كما ذكره الشيخ الانصاري (رحمه الله) وانّما أقصد انّ هذا الوجه لا يحل مشكلة الخيار.

وقد تحلّ مشكلة الخيار بنكتة اُخرى كدعوى وجود شرط لا يعود إلى القيد أمّا ما جاء في كلام الشيخ(1) من إلزام صاحب هذا الوجه بإنكار الخيار فيرد عليه ما أورده الشيخ الاصفهاني (رحمه الله)(2) من انّ تقديم الإشارة على الوصف انّما اثبت صحة العقد وامّا الخيار فيدعى بنكتة اُخرى.

والتحقيق ان أصل هذا الوجه وهو حل الإشكال عن طريق تقديم الإشارة على الوصف على تقدير دلالة الوصف على التقييد ممّا لا أساس له فانّ الوصف لو لم يدل على التقييد لانّ الوصف انّما يقيّد الكليّ ولا يقيد الجزئي مثلاً فلا حاجة إلى نفي التقييد باقوائية الإشارة، ولو دلّ على التقييد وقلنا ان جزئية المتعلق لا تنافي التقييد مثلاً فالإشارة تكون لا محالة إشارة إلى ذاك المقيّد، ولا معنى لفرض تناف بين الإشارة والوصف كي نقدّم الإشارة على الوصف بالاقوائية.

2 ـ الجزئي لا يحصّص:

الحلّ الثاني ـ ما جاء في الجواهر كما مضى من ان كلام المحقّق


(1) في المكاسب 2: 250.

(2) في تعليقته على المكاسب 2: 89.

456

الأردبيلي (رحمه الله)خلط بين وصف المعيّن والوصف المعين أو بين الذاتي والعرضيبناء على الأخذ بالتفسير الثاني من التفسيرين اللذين مضى ذكرهما وهو كونه بمنزلة التكرار لنفس الخلط الأوّل فالوصف الذاتي يعني به الوصف الذي يوصف به الكليّ للتعيين والتحصيص والوصف العرضي يعني الوصف المعيّن الذي يوجد في الجزئي ويكون حاصل هذا الحل عندئذ ان كون الواقع الخارجي غير المعقود عليه ممنوع فانّ هذا انّما يعقل في توصيف الكليّ بوصف لانّ وصف الكليّ يحصص الكليّ والحصة التي تحصل بهذا التحصيص تغاير الحصة الاُخرى لا محالة، فلو باعه عبداً كاتباً بشكل كلّي ثم في مقام الوفاء أعطاه عبداً غير كاتب فما سلّمه غير ما وقع عليه العقد، أمّا في الجزئي الخارجي وهو محل الكلام فلا يعقل التغاير بين مصبّ العقد وما في الخارج لان الجزئي لا يحصّص، وهذا الوجه لو تم لا يحل الصياغة الثانية للإشكال وهو مسألة عدم الرضا إذ لو سلّمنا ان العقد وقع على نفس ما في الخارج لانّه تعلق بالجزئي بقى الإشكال الآخر وهو ان المشتري لا تطيب نفسه بالعبد غير الكاتب ولا يرضى به باقياً على حاله ولا بدّ له من جواب آخر.

كما انّ هذا الوجه لا يفسّر الخيار ونبقى بحاجة إلى نكتة اُخرى للخيار.

وأيضاً هذا الوجه لو لم يكمّل بمكمّل لم يفسّر الفرق بين الوصف الجوهري والوصف الجانبي، لانّ برهان عدم قابلية الجزئي للتقييد يأتي حتى في الوصف الجوهري، فلو باعه هذا الموجود على انّه عبد حبشي ثم تبيّن حماراً وحشياً كان بالإمكان أيضاً ان يقال: إنّ الحيوان المبيع لو كان كلياً فتحصيصه إلى الناطق والناهق يوجب التباين بينهما، أما لو كان جزئياً فهو لا يقبل التحصيص غاية الأمر انّه كان يتخيل كونه ناطقاً وعبداً حبشياً ثم تبيّن كونه ناهقاً ولكن المبيع على أي

457

حال هو هذا الحيوان الخارجي وهو شيء واحد فالمعقود عليه هو عين ما في الخارج وليس غيره.

نعم بالإمكان ان يكمّل هذا الوجه بمكمّل كي يصلح مفسّراً للفرق بين الوصف ا لجوهري والوصف الجانبي وهو ان العرف هو الذي فرض التوصيف بالوصف الجوهري موجباً للتغاير، وهذا رجوع إلى الحلّ الثالث فتعليقنا على اصل هذا الوجه نؤجّله إلى البحث عن الحلّ الثالث.

3 ـ تفريق العرف بين الوصف الجوهري والوصف الجانبي:

الحلّ الثالث ـ هو نفس ما مضى عن صاحب الجواهر مع الأخذ بالتفسير الأوّل من التفسيرين اللذين مضيا لقوله: (أو بين الذاتي والعرضي) وهو الإشارة إلى الفرق بين الجوهري والجانبي ويكون حاصل هذا الوجه عندئذ ان المحقق الاردبيلي إمّا خلط بين وصف المعيَّن والوصف المعيّن، فكما انّ الوصف المعيّن وهو الوصف الذي يوصف به الكلي يوجب مباينة الحصة الفاقدة للحصة الواجدة فقد تخيّل ان توصيف الجزئي أيضاً كذلك يوجب التباين وهذا خطأ لانّ الجزئي لا يحصَّص، وإمّا خلط بين الوصف الجوهري الذي يوجب تغاير الموجود للمعقود عليه والوصف الجانبي الذي لا يوجب ذلك، وهذا هو الذي قلنا انّه يرجع إلى الحلّ الذي ذكره الشيخ (رحمه الله) في أوّل كلامه أو يقاربه حيث ذكر في مقام الحلّ: انّ العرف يفرّق بين الوصف الجوهري والوصف الجانبي فيرى انّ الثاني لا يوجب مغايرة الموجود للمعقود عليه بخلاف الأوّل(1).

وإن كان العلَمان (قدس سرهما) يعنيان دقيق ما في العبارتين فهنا فرق دقيق بين


(1) المكاسب 2: 250.

458

العبارتين حيث انّ الشيخ (رحمه الله) أجاب على إشكال تغاير الموجود للمعقود عليه بانّ العرف هوالذي حكم بانّ الوصف الجانبي لا يوجب التغير بخلاف الوصف الجوهري فكأنّه (رحمه الله) يقول: انّنا لو كنّا نبحث الأمر فلسفياً لكان الإشكال محكماً لانّ فاقد الوصف ولو كان جانبياً هو غير واجده لا محالة لكننا نتبع في هذه الاُمور العرف وهو يفرّق بين التوصيف بالوصف الجوهري والتوصيف بالوصف الجانبي، فيرى الأوّل موجباً لمباينة ما في الخارج لما وقع عليه العقد والثاني غير موجب للمباينة.

أمّا صاحب الجواهر (رحمه الله) فكأنّه يرى انّ البحث لو كان فلسفياً ففقدان الوصف لا يوجب التباين حتى ولو كان جوهرياً لانّ الجزئي لا يتحصص فيستحيل التباين، والبيع لو كان منصباً على الكليّ كان توصيف الكلي بوصف موجباً لتحصيصه وبالتالي كان موجباً لمباينة الحصة الواجدة للوصف للحصة الفاقدة، ولكن المفروض انّه انصب على الجزئي فيستحيل التباين بين المعقود عليه وما في الخارج لانّ الوصف لا يحصّصه وهذا لا يفرّق فيه بين الوصف الجوهري والوصف الجانبي، وعندئذ يتوجه السؤال عن انّه لماذا اذن تقولون ببطلان البيع عند فقدان الوصف الجوهري كما لو باع عبداً حبشياً فتبيّن حماراً وحشياً؟! والجواب انّ العرف هو الذي فرّق بين الوصف الجوهري والوصف الجانبي بفرض الأوّل موجباً للمباينة بين الواقع ومتعلق العقد دون الثاني.

إذن فتقريبا العلَمين ـ لو أردنا ان نأخذ بدقيق العبارتين ـ متعاكسان فعلى تعبير الشيخ يكون مقتضى الفهم الفلسفي لو جاز المشي عليه في المقام بطلان البيع سواء كان الوصف جوهرياً أو جانبياً لانّ الواقع يباين المعقود عليه ولو في وصف جانبي والعرف تدخّل هنا في دفع الإشكال عن الوصف الجانبي ووافق الفلسفة في الوصف الجوهري، وعلى تعبير صاحب الجواهر يكون مقتضى الفهم الفلسفي

459

لو جاز المشي عليه في المقام صحّة البيع مطلقاً لانّ الجزئي لا يحصّص والعرف تدخّل في تثبيت الإشكال في مورد الوصف الجوهري حيث فرضه موجباً للتباين بين الواقع والمعقود عليه ووافق الفلسفة في الوصف الجانبي.

وعلى أيّة حال فهذا الحلّ أيضاً لا يمسّ الصياغة الثانية للإشكال فلا زال المشتري مثلاً من حقه ان يقول: انّ رغبتي في العبد منوطة بالكتابة وبفقدانها ينفقد الرضا وبذلك يبطل البيع ولو سلّم ان متعلق البيع هو عين الموجود خارجاً. كما انّ هذا الحلّ لا يفسّر الخيار ويبقى تفسير الخيار بحاجة إلى إبراز نكتة اُخرى.

أمّا تعليقنا على أصل ما قيل في المقام من انّ الجزئي لا يتحصص بالتوصيف بخلاف الكليّ وجعل هذا برهاناً على عدم مغايرة الموجود للمعقود عليه فهو ان عدم إمكانية تحصيص الجزئي بالقيد بخلاف الكليّ صحيح لا إشكال فيه ولكن هذا يعني انّ الكليّ قابل للصدق على كثيرين وكلّما قيّد بقيد ووصف بوصف خرج عن قابلية الصدق على فاقد ذاك القيد أو الوصف وأصبحت لدينا حصّتان متباينتان، أمّا الجزئي فلم يكن قابلاً للصدق على كثيرين فلا يعقل تقييده بمعنى تحصيصه ومنعه عن قابلية الانطباق على بعض الأقسام، ولكن هذا لا ينافي توصيف المفهوم الجزئي بوصف مطابق لما في الخارج أو مخالف له فان طابق ما في الخارج لم يتغير انطباق هذا المفهوم الجزئي وصدقه على ما في الخارج، إذ من أوّل الأمر لم يكن ينطبق إلّا على فرد واحد ولم يكن يصدق إلّا عليه ولا زال كما كان لانّ الوصف المذكور موجود حقيقة في ذاك الفرد، وإن لم يطابق ما في الخارج اختلف انطباق ذاك المفهوم الجزئي وصدقه عمّا كان عليه وذلك لا بمعنى انّه اختص بحصّة معيّنة أضيق ممّا قبل التوصيف فضاقت دائرة صدقه في الخارج حتى يقال: إنّ الجزئي لا يتحصص بل بمعنى انه خرج أصلاً

460

عن عالم الانطباق والصدق على ما في الخارج إذ لم يكن يقبل الانطباق إلّا على فرد واحد وذاك الفرد لم يكن موصوفاً بهذا الوصف فإذا وصف ذاك المفهوم بهذا الوصف أصبح بما هو موصوفاً بهذا الوصف غير قابل للانطباق على ما في الخارج وغير ممكن الصدق.

وهذا هو المقصود من الشبهة التي تقول: إنّه لو باعه هذا العبد الكاتب ثم انكشف انّه ليس بكاتب فما هو موجود غير معقود عليه والمعقود عليه غير موجود لانّ المبيع قيّد بقيد مفقود في الخارج، وليس المقصود بهذا دعوى التقييد بمعنى التحصيص واختصاص المبيع بالصدق على حصة اُخرى غير الحصة الموجودة خارجاً حتى يقال: إنّ الجزئي لا يتحصص وإنّ هذا خلط بين الوصف المعيّن للكليّ والوصف المعيَّن في الجزئي وانّما المقام من قبيل ان يقال: إنَّ العَلم كزيد لو وصف بوصف العِلم فقيل: «زيد العالم» وكان المسمّى الخارجي بهذا العلم عالماً حقّاً فهذا المفهوم مطابق لما في الخارج، امّا لو كان جاهلاً فهذا المفهوم بما هو معنون بهذا الوصف غير مطابق لما في الخارج، ولا يقصد بذلك انّ كلمة (زيد) جعلت نكرة واخرجت عن العلَمية وأصبح معناها مطلق المسمّى بـ (زيد) ثم حصّصت بقيد العلم فأصبحت غير صادق إلّا على فرد آخر غير زيد الجاهل.

وان شئت فقل: إنّ التقييد شأنه حسر المفهوم الذي قيّد به عن قابلية الانطباق على بعض المصاديق، فإن كان ذلك المفهوم كليّاً يقبل الانطباق على مصاديق أو حصص عديدة فحسره عن بعضها يؤدّي لا محالة إلى التحصيص، وإن كان المفهوم جزئياً لا يقبل الانطباق على أكثر من مصداق واحد فحسره يؤدّي إلى عدم قابلية الصدق على الخارج نهائياً وتحوّله إلى مفهوم فارغ عن قابلية الانطباق، وصاحب الشبهة يقول: إنّ ما نحن فيه من هذا القبيل.

461

4 ـ التفريق بوجه آخر بين الوصف الجوهري والجانبي:

الحلّ الرابع ـ ما نقلناه عن الشيخ الانصاري (رحمه الله) الذي ذكره قبل تعرضه للصياغة الثانية للإشكال بناء على حمله على ما يغاير ما فرضناه في الحل الثالث بان يكون المقصود: انّنا حتى لو فرضنا ان ما في الخارج يغاير المعقود عليه فلسفياً فالعرف يفرّق بين الوصف الجوهري والوصف الجانبي ويرى الأوّل موجباً للمغايرة والثاني غير موجب لها وهذا بخلاف الحل الثالث الذي افترضنا فيه انّ الإشكال محلول فلسفياً لان الجزئي لا يتحصص فلا تحصل المغايرة وانّ العرف وافق الفلسفة في ذلك في الوصف الجانبي ولكنه خالفه في الوصف الجوهري.

وهذا الحل لو تمّ لا يفسّر الخيار ويكون الخيار بحاجة إلى تفسير آخر.

وأيضاً لو تمّ هذا الحل لم يمسّ الصياغة الثانية للإشكال فلا زال من حق المشتري مثلاً أن يقول: إنّ العرف وإن فرض عدم المغايرة والتباين بين ما وقع عليه العقد وهو العبد الكاتب وما هو موجود خارجاً وهو العبد غير الكاتب ولكن رضاي بالمعاملة منوط بوصف الكتابة لانّ العبد غير الكاتب لا يحقق لي تمام الأغراض.

ومن الطريف انّ الشيخ الانصاري (رحمه الله) ذكر في بحث خيار الرؤية أوّلاً الصياغة الاُولى للإشكال وأجاب عليها بتفريق العرف بين الوصف الجوهري والوصف الجانبي فالأوّل وإن كان يوجب التباين لكن الثاني لا يوجب التباين عرفاً، ثم ذكر الصياغة الثانية للإشكال وجعلها دليلاً على مجازفة جواب يقارب في أكبر الظن نفس جواب الشيخ على الصياغة الاُولى، ثم ذكر في بحث الشرط الفاسد الصياغة الثانية للإشكال وأجاب عليها بنفس الجواب الذي ذكره في بحث خيار الرؤية على الصياغة الاُولى فقد قرّب الإشكال في بحث الشرط بانّ فساد

462

الشرط أوجب فقدان الرضا لانّ التراضي انّما وقع على العقد الواقع على النحو الخاص، وأجاب عليه بانّ القيود منها ما يكون ركناً في المطلوب، ككون الحيوان ناطقاً لا ناهقاً فالعرف يحكم في ذلك بانتفاء الرضا لدى انتفاء القيد، ومنها ما لا يكون ركناً فيه ككون العبد صحيحاً غير معيب أو المتاع الفلاني من القسم الجيّد دون القسم الرديء وهنا يحكم العرف بانّ الفاقد نفس المطلوب وان التصرف الناشئ عن العقد بعد فساد الشرط ليس تصرفاً لا عن تراض.

وهذا الكلام غريب فانّ جانبية الوصف وركنيته لو اثّرتا عرفاً في عدّ الموجود عين ما وقع عليه العقد وعدمه من الواضح انّهما لا تؤثّران في ثبوت الرضا وعدمه فلو قلنا مثلاً انّ الرضا متقوم بالوجود العلمي ثبت الرضا في كليهما، ولو قلنا انّه متقوم بالواقع مثلاً انتفى في كليهما، نعم قد تؤثر ركنية الوصف وجانبيته في درجة الكراهة وعدم الارتياح. وفقدان بعض الأهداف أو جميعها ولكنهما سيّان في أصل مسألة التأثير على الرضا.

وأمّا تعليقنا على أصل هذا الحلّ فهو انّه ماذا يقصد بدعوى تفصيل العرف بين الوصف الجوهري والوصف الجانبي بكون فقدان الأوّل موجباً للتغاير وعدم كون فقدان الثاني موجباً له؟ إن كان المقصود بذلك ان فقدان الوصف الخارج عن ماهية الشيء لا يوجب تباين الماهية وفقدان الوصف الداخل في ماهية الشيء يوجب تباينها، أو ان فقدان الوصف الداخل في جملة ما يكون دخيلاً في الركن الفلسفي أو العقلائي يوجب التباين في الركن فهذا ثابت لدى الفلاسفة أيضاً، إلّا انّ الواقع ان هذا اجنبيّ عن المقام فانّ مَن يدّعي البطلان لا يدّعيه على أساس دعوى انّ الفاقد للوصف الجانبي مغاير للواجد في الماهية أو الركن وانّما يدّعيه على أساس دعوى انّ العنوان المأخوذ في العقد غير منطبق على ما في الخارج

463

لاختلافه معه ولو في أمر غير ما هويّ وغير ركن.

وإن كان المقصود بذلك انّ العرف يرى المفهوم الذي أخذ فيه وصف جانبي منطبقاً على فاقد الوصف لا لشيء إلّا لأنّ الوصف جانبيّ فهذا غير صحيح وآية ذلك انّه لا خلاف في انّ المبيع الذي أخذ فيه وصف جانبيّ لو كان كلياً ثم طبقه البائع على فرد فاقد للوصف وسلّمه إلى المشتري لم يتم التسليم، وليس هذا إلّا لان توصيف الكليّ حيث كان ظاهراً في التحصيص كان داخلاً في متعلق العقد حتماً فاعترف العرف بعدم انطباقه على ما في الخارج الفاقد للوصف وتوصيف الجزئي أيضاً ان كان يعني دخوله في متعلق العقد فالعرف يعترف حتماً بمغايرة المعقود عليه للخارج لانّه لو قال العرف بانّ الوصف ما دام جانبياً فلا قيمة مهمة له فلنعتبر الموصوف بهذا الوصف منطبقاً على غير الموصوف لقال بذلك أيضاً في الحصة الموصوفة من الكليّ لانّ الوصف الجانبي لا قيمة مهمة له فلتعتبر تلك الحصة منطبقة على الفرد الفاقد للوصف فكان المهم في البحث ان نرى انّ الوصف في الجزئي هل يدخل في متعلق العقد أو لا؟ لا أن نقول إنّ العرف لا يرى المغايرة إذ لو دخل الوصف فيه فلا إشكال في المغايرة وعدم الانطباق على الخارج حتى في نظر العرف ولو لم يدخل الوصف في متعلق العقد بطل التغاير فلسفياً أيضاً لا عرفاً فقط.

5 ـ العوارض الخارجية ليست طرفاً للمبادلة:

الحلّ الخامس ـ ما اختاره المحقّق النائيني (رحمه الله)(1) وحمل كلام الشيخ الانصاري عليه، وهو أنّ الوصف الذي اُخذ عنواناً لمتعلّق العقد إن كان من الصور


(1) راجع منية الطالب 2: 135 ـ 137 و 148 ـ 149.

464

النوعيّة فهو طرف للمبادلة، وذلك كما في حماريّة الحمار وفرسيّة الفرس وما إلى ذلك، لوضوح أنّ المادّة الهيولائية غير صالحة لأن يبذل بإزائها المال، وشيئية الشيء وماليته متقوّمتان بهذه الصور النوعية، فلو باعه حماراً فتبين فرساً فهو في الحقيقة لم يبعه شيئاً لانّ الذي يباع ويبذل بإزائه المال انّما هو الحمار أو الفرس، والفرس لم يكن مبيعاً والحمار لم يكن موجوداً.

وأمّا إذا كان الوصف من العوارض الخارجية لا الصور النوعية ككتابة العبد فقد فرغ الشيء عن كونه شيئاً قابلاً لوقوع المبادلة عليه بقطع النظر عن هذا الوصف، وقد يكون الوصف دخيلاً في زيادة قيمته لكنه لا يقع شيء من المال في مقابلة وانّما المال يقع في مقابل الشيء بصورته النوعية ولا يقع شيء منه بازاء الوصف رغم دخل الاوصاف في قيمة الشيء إذن فتخلّفه لا يعني مغايرة ما هو موجود لما وقعت عليه المبادلة وانصبّ عليه العقد.

أقول: إنّ هذا الكلام من المحقق النائيني لو تم لا يحلّ بوحده الصياغة الثانية للإشكال ولا يفسّر الخيار، وقد تصدّى هو (رحمه الله) لحلّ الصياغة الثانية للإشكال وهي مشكلة الرضا بإضافة نكتة اُخرى سيأتي بيانه في محله ـ إن شاء الله ـ وتصدى أيضاً لتفسير الخيار بنكتة سنذكرها ـ إن شاء الله ـ وعلى أيّة حال فالانصاف ان هذا الحل غريب فان منشأ الشبهة لم يكن عبارة عن انّ المال وقع في مقابل الوصف فصحيح انّ المال انّما وقع في مقابل الموصوف ولم يقع لا بتمامه ولا ببعض أجزائه في مقابل الوصف رغم دخل الوصف في زيادة القيمة ولكن الشبهة تقول: إنّ الوصف قيد لمتعلق العقد والمال طبعاً انّما هو في مقابل المقيد لا في مقابل القيد لكن المقيد بما هو مقيد كان متعلقاً للعقد والقيد هنا قد حسر انطباقه على ما في الخارج.

465

ولو صحّ تقريبه (رحمه الله) في القيد الحاسر عن الانطباق نهائياً لصحّ أيضاً في القيد المحصّص والمضيّق فلزم ان يقال انّه لو باعه عبداً كاتباً ثم سلّمه عبداً غير كاتب فقد حصل تسليم المبيع وان اخلف الشرط مثلاً وذلك لان ما وقعت عليه المبادلة انّما هو العبد بصورته النوعية دون الكتابة لانّ المال انّما يبذل بازاء العبد أما الكتابة فلا يبذل بإزائها المال وإن كانت دخيلة في تصعيد القيمة التي تبذل بازاء العبد أفهل يلتزم المحقق النائيني (رحمه الله) بهذهِ النتيجة؟ ! !

هذا ونتيجة هذا الوجه لو تم هي كون المقياس في الجوهرية والجانبية المعنى الفلسفي لا الجوهرية والجانبية بلحاظ الأغراض العقلائية نعم ألحقَ المحقق النائيني (رحمه الله) بالوصف الجوهري كل وصف كان قوام مالية المال به وإن لم يكن دخيلاً في حقيقة الشيء فلسفياً ومثّل لذلك بوصف الصحة فيما لا قيمة لمعيبه كالجوز والبيض ونحوهما(1).

6 ـ أخذ الوصف على أساس تعدّد المطلوب:

الحلّ السادس ـ ما اختاره المحقق الخراساني (رحمه الله)(2) وحمل عليه كلام الشيخ الانصاري (قدس سره)وهو ان الوصف إن لم يكن ركناً للمطلوب كان ظاهر أخذه عرفاً هو أخذه على أساس تعدد المطلوب، أي أنّ المشتري يطلب العبد الكاتب مثلاً لو كان فان لم يكن كاتباً يطلب العبد رغم عدم كتابته، وهذا الظهور ناشئ من غلبة ان دخل الأوصاف غير الركنية تكون على هذا الأساس فان أراد الشخص خلاف ذلك كانت عليه إقامة القرينة، وامّا إن كان الوصف ركناً للمطلوب فهنا


(1) راجع منية الطالب 2: 136.

(2) راجع تعليقته على كتاب المكاسب: 206 و 251.

466

يكون ظاهر أخذه عرفاً هو أخذه على أساس وحدة المطلوب فلمن اشترى العبد الحبشي مثلاً مطلوب واحد وهو العبد الحبشي لا مطلوبان: العبد الحبشي إن كان فإن لم يكن فالحمار الوحشي وهذا الظهور أيضاً ناشئ من الغلبة وإن أراد خلاف ذلك كانت عليه إقامة القرينة ويرى (رحمه الله) ان ذكر الوصف غير الركني لمّا كان دليلاً على تقييد البيع أو المبيع ببعض مراتبهما أوجب الخيار لدى التخلف، بخلاف الوصف الركني الذي أوجب تقييد البيع أو المبيع بتمام مراتبهما فأوجب البطلان لدى التخلف.

إلّا انّ تفسير ذلك لمسألة الخيار غير واضح عندنا إذ هذا مرجعه في الحقيقة إلى بيعين على تقديرين، أو إلى بيع مطلق وبيع آخر على تقدير عدم تمامية الأوّل، فإذا تخلف الوصف فالبيع الأوّل لم يتم والبيع الثاني ينبغي أن يكون صحيحاً لازماً لعدم تقيده بوصف مفقود فلماذا الخيار؟ !

وعلى أيّة حال هذا الوجه لو تمّ يحلّ الإشكال بكلتا صياغتيه وقد ذكره (رحمه الله)تفسيراً لكلام الشيخ الانصاري عند تعرض الشيخ للصياغة الاُولى من الإشكال في بحث خيار الرؤية وعند تعرضه للصياغة الثانية من الإشكال، في بحث الشرط الفاسد.

وأورد عليه المحقق النائيني (رحمه الله) بوجوه أهمّها الوجه الثالث منها وهو انّ هذا البيان غير كاف لتوجيه فتوى الأصحاب وتفسيرها فان نتيجته لا تطابق الفتوى لوضوح انّه لو أحرزنا صدقه في الوصف الركن اكتفاء المشتري بفاقده لم يشفع ذلك لصحّة البيع وثبوت الخيار فلو باعه الحمار وتبين انّه كان فرساً أو بقرة أو بغلة وعرفنا ان غرض المشتري ومطلوبه مطلق دابّة تحمله وتحمل أثقاله من دون دخل للحمارية فيما هو مطلوبه من المعاملة لم يكن خلاف ولا إشكال في

467

بطلان البيع، كما انّه لو أحرزنا ان تمام غرضه من شراء العبد أن يكون كاتباً بحيث لو علم بعدم كتابته لا يقدم على شرائه بفلس واحد ومع ذلك اشترى العبد الكاتب ثم تخلف الوصف لم يكن له إلّا الخيار بلا خلاف ولا إشكال(1).

أقول: الظاهر من عبارة المحقق الخراساني (رحمه الله) ان مقصوده هو دعوى انّ غلبة تعدد المطلوبية وكون الغرض النفسي والرضا القلبي ذا مراتب في الأوصاف الجانبية وغلبة الوحدة وعدم تعدد المراتب في الأوصاف الركنية أوجبت ظهور اللفظ في تعدد الملكية المنشأة في الثاني ووحدتها في الأوّل وليس غرضه مجرّد تعدد الرضا القلبي ووحدته وكون غرضه النفسي ذا مراتب أو غير ذي مراتب ولهذا ناسب حلّه كلتا صياغتي الإشكال ولم يختص بالصياغة الثانية وعليه فالنقض الأوّل من نقضي المحقق النائيني (رحمه الله) غير وارد عليه، فصحيح انّ غرضه كان متعلقاً بدابّة تحمله وتحمل أثقاله لكن المحقق الخراساني يدّعي ان إنشاءه انّما تعلق بالحمار ولم يفهم منه إنشاء آخر تعلّق بالفرس أو البقرة أو البغلة والإنشاء انّما يتعلق في فقهنا بالملكية لا بالرضا أو بالغرض النهائي وهي الفائدة العملية المترتبة من حمله وحمل أثقاله وعلمنا صدفة بتعدد الغرض ووجود رضائين طوليين لا يوجب انثلام ظهور الكلام في وحدة الإنشاء ولا انكشاف كون هذا الظهور غير مراد.

وأورد السيد الإمام (رحمه الله)(2) على المحقق الخراساني (رحمه الله) بان مثل بيع العبد الكاتب وشرائه لا يشتمل إلّا على إنشاء واحد ولا يعقل انحلال هذا الإنشاء إلى


(1) منية الطالب 2: 149.

(2) راجع كتاب البيع للسيد الإمام (رحمه الله) 5: 246.

468

إنشائين لشيئين طوليين على فرضي وجدان الوصف وفقدانه بل لو فرض إنشاء البيع كذلك كان باطلاً نظير البيع بثمنين على فرضين.

7 ـ دخالة الوصف الجوهري عرفاً في الماليّة والملكيّة:

الحلّ السابع ـ ما ذكره المحقق الاصفهاني (رحمه الله)(1) من انّ العرف هو الذي فرّق بين تخلّف الحقيقة وتخلّف الوصف وليس بيانه (قدس سره) لذلك هو دعوى اتحاد الفاقد والواجد عرفاً كما مضى عن الشيخ الانصاري (رحمه الله) بل له بيان آخر وتوضيح ذلك:

انّ فاقد القيد في المقام لا ينظر إليه كحصّة كليّة نرى هل تعلق العقد بها أو لا فانّ القيد في المقام لم يكن قيداً للكليّ وموجباً للتحصيص وانّما فاقد القيد في المقام الذي نريد ان نرى انّه هل انتقل إلى ملك المشتري أو لا جزئيّ حقيقي خارجي، والعقد تعلق طبعاً حسب النظر الأوّلي لمداليل الألفاظ بمفهوم جزئي ولم يتعلق ابتداء وبلا واسطة بالمصداق الخارجي ولو كان متعلقاً بالمصداق الخارجي فانّما هو بواسطة ذاك المفهوم الجزئي وعندئذ يجب ان نرى ان تلك الواسطة وهي المفهوم الجزئي هل هي واسطة في الثبوت؟ أي انّ العقد حقيقة يتعلق في بيع الأعيان الخارجية بالعين الخارجية بواسطة المفهوم المأخوذ كمتعلق له أو هي واسطة في العروض، أي انّ العقد انّما يتعلق حقيقة بالمفهوم وينسب هذا التعلق إلى ما في الخارج ثانياً وبالعرض بواسطة التطابق الموجود بين المفهوم وما في الخارج من المصداق؟

وعلى أساس فناء العنوان في معنونه فان فرض الثاني فالعقد في المقام لم


(1) في تعليقته على المكاسب 2: 89.

469

يتعلق بالعين الخارجية الفاقدة للقيد من دون فرق بين أن يكون ذاك القيد داخلاًفي حقيقة الشيء كالناطقية مثلاً أو يكون وصفاً عرضياً كالكتابة فانّه على كل حال لم يكن المفهوم المأخوذ في متعلق العقد مطابقاً لما في الخارج ولم يكن فانياً فيه كي يصبح ذاك المفهوم واسطة في عروض العقد على ما في الخارج، وان فرض الأوّل وهو انّ العقد حقيقة يتعلق بالعين الخارجية فلا معنى لافتراض انّ تخلف الوصف يخرجها عن كونها متعلقة للعقد فان الجزئي الخارجي هو هو، كان واجداً للوصف أو كان فاقداً له، وهنا أيضاً لا يختلف الحال بين الوصف العرضي والوصف الداخل في حقيقة الشيء فان فقدانه على كلّ تقدير لا يجعل الفرد الخارجي الذي جعل متعلقاً للعقد فرداً آخر إذن ففقدان القيد امّا ان يوجب عدم تعلق العقد بما في الخارج مطلقاً ـ أي سواء كان داخلاً في حقيقة الشيء أو كان عرضياً ـ أو لا يوجب ذلك مطلقاً.

هذا هو مقتضى الفهم الفلسفي للمطلب، وبما انّ الصحيح فلسفياً كون المفهوم المتعلق في المقام واسطة في العروض لا في الثبوت لاستحالة تعلّق البيع حقيقة بالعين الخارجية إذ البيع ليس إلّا التمليك والملكية من الاعتبارات الشرعية أو العرفية لا من المقولات الحقيقية والاعتبار متقوّم بمتعلقه في افق الاعتبار لا في الخارج وإلّا لزم امّا اعتبارية المتأصّل أو تأصّل الاعتباري فعروض البيع والملك حقيقة على العين الخارجية مستحيل غاية الأمر انّ العنوان الخاص المقوّم للملكية الاعتبارية لوحظ بنحو فناء العنوان في مطابقه فيسري تعلّق العقد إلى ما في الخارج على أساس الواسطة في العروض إذن فلو كان المقياس في الحكم في المقام هي المقاييس الفلسفية لوجب القول ببطلان البيع بمجرد فقدان الوصف من دون فرق بين الوصف الجوهري الداخل في حقيقة الشيء أو الجانبي العرضي لانّ العنوان على أي حال غير مطابق للمصداق الخارجي وغير فان فيه كما أنّه لو آمنّا

470

فلسفياً بكون الواسطة واسطة في الثبوت لوجب أيضاً عدم الفرق بين الوصف الداخل في الحقيقة والوصف العرضي، والقول بالصحّة في كلا الموردين إلّا انّ المقياس في ما نحن فيه ليس هو الفهم الفلسفي بل هو الفهم العرفي.

والفهم العرفي في المقام يفترض انّ المفهوم الجزئي الذي تعلّق به العقد واسطة في الثبوت لتعلّق العقد بالعين الخارجية فكأن العرف يرى انّ العقد تعلّق بالعين الخارجية حقيقة وليس تعلّقه بها بالعرض بواسطة فناء العنوان في معنونه إذن فكان من المترقّب أن يحكم العرف بصحّة البيع لدى تخلّف الوصف من دون فرق بين الوصف الجوهري والداخل في هوية الشيء وحقيقته والوصف العرضي ولكن العرف هنا تدخّل مرّة ثانية وكان تدخلّه في جانب الأوصاف الجوهرية الداخلة في هوية الشيء وحقيقته وحكم في هذا القسم بانّ البيع لم يتحقق لان المبيع لا وجود خارجي له والسرّ في الفرق بين تخلّف الحقيقة والوصف العرضي هو انّ العين بما هي موجودة من الموجودات ليس لها في نظر العرف اعتبار المالية والملكية حتى تباع وتملك وانّما يكون لها اعتبار المالية والملكية بما هي حنطة أو شعير أو عبد أو جارية فمع تخلّف الحقيقة لا مبيع ولا مملوك في عالم اعتبار العرف فيكون كما إذا أشار إلى موضع وقال بعتك هذا العبد فتبيّن خلوّ الموضع رأساً وهذا بخلاف ما إذا كان أصل الحقيقة محفوظاً فانّ ذات المبيع المتعلّق بها البيع حقيقة موجودة ولم يتخلّف إلّا وصف ما تعلّق به البيع حقيقة. انتهى ما يستفاد من كلام المحقق الاصفهاني (رحمه الله) في هذا الوجه في مبحث خيار الرؤية وتراه جعل المقياس في كون تخلّف الوصف موجباً للبطلان أو الخيار كونه داخلاً في حقيقة الشيء بالمعنى الفلسفي وعدمه دون كونه دخيلاً في الأغراض الأساسية لدى العقلاء وعدمه.

وقد يقال: انّنا رغم هذا الاتعاب للنفس الذي صدر من المحقق الاصفهاني (قدس سره)

471

نوجّه إليه سؤالاً وهو انّ متعلّق التمليك أو البيع هل كان مقيداً بالكتابة أو لا؟ فانقيل: لا فهذا خلف فرض توصيف العبد بالكتابة في الإيجاب والقبول وإن قيل: نعم قلنا: إنّ المقيّد ينعدم بإنعدام قيده فما دامت الكتابة معدومة إذن فمتعلّق التمليك أو البيع معدوم.

ولكن الواقع انّ المحقق الاصفهاني (رحمه الله) بعد ان فرض انّ المفهوم الجزئي الذي أصبح واسطة لسريان الملكية أو البيع إلى العين الخارجية واسطة في الثبوت ولو عرفاً رأى انّ الملكية أو العقد تعلقت بذات المقيد الموجود في الخارج فقد صبّها العاقد على ذات المقيد ولو لأجل اعتقاده خطأً بكونه واجداً للقيد وقد ذكر (رحمه الله) في بحث الشرط الفاسد(1): انّه صحيح ما اشتهر من انّ المقيد ينتفي بانتفاء قيده لكن هذا انّما يعني انّ المقيد بما هو مقيد ينتفي بانتفاء قيده ولا يعني انّ ذات المقيد ينتفي بانتفاء قيده والبيع في المقام متعلّق بذات المقيد وبه حلّ أيضاً الإشكال فيما لو كان القيد قيداً للبيع لا للمبيع بان كان الالتزام بالبيع مقيداً بالتزام آخر ففسد الالتزام الآخر أو حصل التخلّف عنه فقال: إنّ ذلك لا يؤدي إلى انتفاء ذات المقيد وهو الالتزام بالبيع وان ادّى إلى انتفاء المقيد بما هو مقيد.

وبهذا أيضاً حلّ الصياغة الثانية للإشكال وهي الإشكال من ناحية الرضا حيث يرى انّ الرضا تعلّق بالملكية التي صبّها العاقد على ذات المقيد ولو لأجل اعتقاده خطأً بتحقق القيد فرضاه بتمليك ذات المقيد فعليّ ولديه عدم رضاً تعليقي، أي لو علم بانتفاء القيد لما رضي بالبيع الذي أقدم عليه البائع.

وله لتفسير الخيار كلام في بحث خيار الرؤية لسنا بصدده وبإمكانك


(1) راجع 2: 164 ـ 165، من تعليقته على المكاسب.

472

مراجعة كتابه(1) وسيأتي منّا (إن شاء الله) نقله عنه(2).

وقد ظهر بهذا العرض انّ المحقق الاصفهاني (رحمه الله) وان اشترك في ذيل كلامه في بحث خيار الرؤية مع المحقق النائيني (قدس سره) في بيان نكتة الفرق بين الوصف الجانبي والوصف الجوهري بانّ الأوّل ليس به قوام مالية المال وملكيته، والثاني يكون به قوام ذلك ولكن هناك فرق جوهري بينهما في كيفية الاستفادة من هذه النكتة لانّ المحقق النائيني (رحمه الله) يرى: انّ عدم مقابلة الوصف الجانبي بالمال جعله خارجاً عن طرفيته للمبادلة فأصبح بذلك تخلّفه غير مضر بالبيع ولذا أوردنا عليه بانّ هذا الوصف وإن لم يكن طرفاً للمبادلة ولكن المقيد به بما هو مقيد طرف للمبادلة وبزوال القيد ينتفي المقيد ويبطل البيع ولكن المحقق الاصفهاني لم يثبت صحّة البيع بمجرد عدم كون الوصف ممّا يبذل بإزائه المال، بل حقّق في بحث خيار الرؤية انّ الملكية طرأت على ذات المقيد لا على المقيد بما هو مقيد لانّ الواسطة كانت واسطة في الثبوت ولم تكن واسطة في العروض وحقق في بحث الشرط الفاسد انّ ذات المقيد لا ينتفي بانتفاء قيده فكانت النتيجة صحّة البيع وكان من المترقب ان يصح البيع حتى في تخلّف الوصف الجوهري ولكن العرف لم يرض بذلك بنكتة كون الوصف الجوهري مقوماً لمالية المال.

وكذلك لا يرد على المحقق الاصفهاني النقض الذي أوردناه على المحقق النائيني وهو النقض ببيع الكليّ الذي لا إشكال في انّه لو وصف بوصف جانبي منعه هذا التوصيف عن إمكانية التطبيق في مقام التسليم على فرد فاقد للوصف


(1) 2: 89، من تعليقته على المكاسب.

(2) في الصفحة 476.

473

رغم انّ الوصف لا يقابل بالمال، فهذا النقض لا يرد على المحقق الاصفهاني (رحمه الله)لانّ الفرق بين بيع الكليّ وبيع الجزئي وفق بيان المحقق الاصفهاني هو انّ البيع في الثاني تعلّق ولو في نظر العرف بالعين الخارجية وهي ذات المقيد التي لا تنتفي بانتفاء القيد، وأمّا في بيع الكليّ فلم يتعلّق البيع حقيقة بالعين الخارجية حتى في نظر العرف ولذا لم يمتلك المشتري فرداً معيناً، وانّما تعلّق بالحصّة ولا يجوز تطبيقها على فرد من حصة اُخرى، هذا ولكن الإنصاف رغم كل ما مضى انّ هذا البيان من قِبَل المحقق الاصفهاني (رحمه الله)لا يرجع إلى محصّل فان الكلام كل الكلام في انّ البيع هل تعلّق بالمقيد بما هو مقيد أو تعلّق بذات المقيد؟

وتوضيح المقصود: انّنا تارة نفترض ان وصف الكاتب لم يكن أصلاً قيداً لمتعلّق العقد وانّما كان ذكره التزاماً في التزام وهذا لا يؤثّر في صحّة البيع ببيان يأتي (إن شاء الله) ومضى منّا أيضاً ذكر له في بحث «المؤمنون عند شروطهم» وهذا وجه آخر لتصحيح البيع في المقام سيأتي شرحه (إن شاء الله) ولا علاقة له بما ذكره المحقق الاصفهاني في بحث خيار الرؤية من الوجه الذي نقلناه عنه مفصّلاً، وقد يكون ما ذكره في موارد الالتزام المقيد بالالتزام في بحث الشرط الفاسد إشارة ولو ارتكازاً إلى روح ذاك المطلب.

واُخرى نفترض ان وصف الكاتب قد فرض قيداً في المقام ورغم هذا يقال: إنّ البيع والملكية قد تعلّق بذات المقيد الذي لا ينتفي بانتفاء قيده لا بالمقيد بما هو مقيد وذلك بنكتة ان المفهوم المأخوذ متعلّقاً للعقد كان واسطة في الثبوت لا في العروض، فالتمليك والتملك انصبّا عرفاً على ذات العين الخارجية.

ويرد عليه: انّ سراية التمليك والتملك إلى المصداق الخارجي بواسطة المفهوم سواءً فرضت على أساس الواسطة في الثبوت أو على أساس الواسطة في

474

العروض انّما كانت بملاك فناء العنوان في المعنون وفناء العنوان فيه فرع التطابقبينهما، فان قلنا انّ تخلّف الوصف الجانبي لا يضرّ عرفاً بالتطابق بينهما لان العرف يتهاون في الوصف الجانبي كان هذا رجوعاً إلى بيان الشيخ الانصاري (رحمه الله) وان اعترفنا بان تخلّف الوصف الجانبي يضرّ بالتطابق ولذا لم يصح في بيع الكليّ تطبيق المبيع المقيد بالكتابة في مقام التسليم على فرد غير كاتب قلنا أنّ الحكم إذن لا يسري إلى العين الخارجية لعدم صلاحية الواسطة في الوساطة سواء كانت وساطة في العروض أو في الثبوت، إذن فالبيع انّما تعلّق بالمقيد بما هو مقيد لا بذات المقيد.

ولعل السبب في توهّم التفريق بين ما لو كان ذاك المفهوم واسطة في الثبوت أو كان واسطة في العروض هو تصوّر انّه لو كان واسطة في العروض فالملكية انّما تسري ثانياً، وبالعرض إلى العين الخارجية بملاك الفناء أي فناء العنوان في المعنون، والفناء فرع التطابق بين العنوان والمعنون فإن لم يتطابقا ولو في وصف جانبي لم يتم الفناء فلم يتم العروض على العين الخارجية أما لو كان واسطة في الثبوت فالسراية ليست بملاك الفناء إذ هي من قبيل سراية الحرارة إلى الماء بواسطة النار ولا معنى لفناء النار في الماء ولذا لا يشترط التطابق في المقام لانّ التطابق انّما هو شرط للفناء ولا حاجة لنا إلى الفناء في المقام.

ولكنك ترى انّ هذا مغالطة فان ما نحن فيه يختلف عن مثل مثال سراية الحرارة إلى الماء بواسطة النار ففرق بين سراية وصف إلى شيء بواسطة شيء آخر مباين للشيء الأوّل وليست نسبته إلى الشيء الأوّل نسبة العنوان إلى المعنون كما في النار والماء، وكذلك في السفينة وراكبها فهذهِ السراية ليست بملاك الفناء إذ لا معنى لفناء شيء في شيء غير العنوان الذي يفنى في المعنون وبين سراية الحكم الاعتباري الذي فرض للعنوان إلى المعنون فهذه السراية دائماً تكون بملاك الفناء

475

سواء فرضت الواسطة واسطة في العروض أو في الثبوت، وانّما فرق العرف عنالفلسفة في المقام هو انّ العرف غفل عن المباينة الحقيقية الموجودة بين العنوان والمعنون للشبه التام بينهما فتصور أنّ الحكم طرأ رأساً على المعنون فأصبحت الواسطة واسطة في الثبوت، ولكن الفلسفة تدرك انّها واسطة في العروض ولكن نكتة السريان على أيّ حال واحدة وهي فناء العنوان في المعنون المشروط بالتطابق.

فان قلت: إنّ نكتة السريان في المقام ليست هي فناء العنوان في المعنون بل هي الإشارة فبما انّ المتبايعين أشارا إلى عين خارجية وقال أحدهما بعتك هذا العبد الكاتب وقَبِلَ الآخر فقد رأى العرف ان التمليك والتملك انصبّا على العين الخارجية وهذا غير مشروط بالتطابق، ولعل هذا مراد من قال بانّ الإشارة أقوى من الوصف.

قلت: إنّ الإشارة لو كانت سبباً للسريان فهذا السريان وإن كان عرفاً بالوساطة في الثبوت(1) بخلافه فلسفياً فانّه بالوساطة في العروض لنفس البرهان الذي ذكره المحقق الاصفهاني من عدم إمكان تأصّل الاعتباري واعتبارية المتأصّل


(1) أقصد بذلك انّ العرف لو التفت إلى الوساطة لحملها على الوساطة في الثبوت دون العروض ولا أنظر إلى انّ العرف هل هو ملتفت إلى الوساطة أو لا حتى يناقش بدعوى انّ العرف لا يعترف بالوساطة لا في العروض ولا في الثبوت بل يرى انّه لا واسطة في المقام وبتعبير آخر ان ملاك التفصيل الذي ذهب إليه المحقق الاصفهاني (رحمه الله) في المقام بين فرض الوساطة في العروض والوساطة في الثبوت لو تمّ فانّما هو ثابت بين فرض الوساطة في العروض، وفرض عدم الوساطة في العروض لا بين فرض الوساطة في العروض وخصوص الوساطة في الثبوت فالبحث عن ان العرف هل يرى واسطة في المقام كي تكون في الثبوت أو في العروض أولا مجانبٌ عن روح المطلب ولا أثر له.

476

لكن السريان الذي يأتي من الإشارة لو قبلنا به كشيء مستقل عن ملاك الفناء وقلنا إنّه لا يشترط فيه التطابق لم يكن هذا موجباً للفرق بين كون الوساطة في الثبوت أو في العروض فسواء كانت الوساطة في العروض كما في رأي الفلسفة أو في الثبوت كما في رأي العرف يقال: إنّ الحكم الاعتباري سرى إلى ذات المشار إليه ولو فقد الوصف لانّ السريان بالإشارة لا يشترط فيه التطابق.

والحاصل انّ المهم هنا لتصحيح البيع ـ بعد فرض عدم الرجوع إلى جواب آخر ككون الالتزام بالكتابة التزاماً في التزام لا قيداً أو تسامح العرف بالاختلاف الجزئي ـ هو ان نرى انّ التطابق شرط في السريان أو لا ولا يؤثّر في ذلك كون الوساطة وساطة في الثبوت أو في العروض وانّما نقول: إنّ السريان إن كان بنكتة الفناء فلا بد من التطابق وإن كان بنكتة الإشارة بدعوى تصور كونها ملاكاً مستقلاً للسريان غير مشروط بالتطابق إذن فلا يضرّ عدم التطابق من دون فرق في ذلك بين فرض الوساطة في الثبوت أو في العروض.

والظاهر انّ المحقق الاصفهاني (رحمه الله) لا ينظر في المقام إلى مسألة الإشارة ولو كان ناظراً إليها ومدّعياً انّ الإشارة تنصبّ ولو عرفاً على العين الخارجية من دون شرط التطابق لما كان وجه لتبريره لبطلان البيع في تخلّف الوصف الجوهري بكونه عرفاً مقوّماً لمالية المال فلنفرض انّه باع العين الخارجية مشيراً إليها قائلاً: بعتك هذا الفرس فتبين انّه حمار فهذه الإشارة في الواقع إشارة إلى العين الخارجية التي هي حمار وان أخطأا وتصوّرا انّها إشارة إلى الفرس والحمارية صورة نوعية مقوّمة للمالية موجودة في المقام فلماذا يبطل البيع؟! ولماذا لا تكفي السراية بالإشارة هنا كما تكفي في مثال تخلّف الكتابة؟ !

والواقع كما ثبت في علم الاُصول انّ الإشارة نسبة ذهنية لا تحكي مباشرة

477

عن الخارج وانّما تحكي عنه بملاك الفناء الملحوظ فيه كل قيود العبارة لا محالة والمشروط بالمطابقة مع ما في الخارج وحالها حال العناوين الاُخرى الإسمية بفرق انّها معنى حرفي بخلاف تلك العناوين.

وأمّا ما ذكره (رحمه الله) في بحث الشرط الفاسد في الالتزام المقيد بالالتزام من ان فساد الثاني أو تخلّفه لا يبطل الأوّل لانّ ذات المقيد لا ينتفي بانتفاء القيد فالواقع انّ الصياغة الاُولى من الإشكال لم يكن لها مجال في الالتزام المقيد بالالتزام ما لم يرجع إلى تعليق الالتزام الأوّل على الالتزام الثاني التزاماً نافذاً مثلاً ولو رجع إلى التعليق فقد قال المشهور: إنّ التعليق بنفسه مبطل للعقود ولو صحّ المعلّق عليه وحصل وانّما الصياغة الثانية من الاشكال هي التي يمكن ان تورد في المقام ببيان انّ الرضا انّما كان بالالتزام المقيد بالالتزام لا بذات الالتزام فإذا انتفى القيد انتفى الرضا المتعلّق بالمقيد بما هو مقيد لا بذات المقيد.

وهذا كما ترى لا يكفي في جوابه كون المنتفي بانتفاء القيد هو المقيّد بما هو مقيد لا ذاته كما انّه في فقدان وصف الكتابة أيضاً لئن سلمنا انّ العقد انّما انصبّ بوجه من الوجوه على العين الخارجية التي لا زالت هي موجودة ولو فقد الوصف وبهذا انحلّت الصياغة الاُولى من الإشكال فالصياغة الثانية قد لا تكون محلولة إذ يقول صاحبها إنّ الرضا بالعقد كان مشروطاً بالكتابة أي انّ الرضا متعلق بالعقد المقارن بكتابة العبد والمقيد بها وصحيح انّ ذات المقيد لا ينتفي بانتفاء قيده فذات العقد باق لكن الرضا لم يكن متعلقاً بذات العقد بل كان متعلقاً به بقيد الكتابة والمقيد بما هو مقيد ينتفي بانتفاء قيده إذن فجواب المحقق الاصفهاني لو تم فانّما يكفي لدفع الإشكال الأوّل ونبقى بحاجة إلى إضافة بعض نكات اُخرى كي يتمّ دفع الإشكال الثاني وعلى أيّة حال فقد عرفت انّ أصل جوابه غير تام.