العلماء: إنّ إرادة الله التكوينيّة لا تتخلّف عن المراد، أي: أنّ الله تعالى حينما يُريد أن يخلُق شيئاً فإنّه يُخلق بمجرّد إرادته تعالى لخلقه.
وأمّا الإرادة التشريعيّة، فتتخلّف عن المراد، أي: أنّ إرادة الله تعالى الكامنة في الأحكام والتشريعات تتخلّف عن مراده، فقد أراد الله منهم أن يُقيموا الصلاة ويُؤتوا الزكاة و...، ولكنّ الكثير منهم لا يُصلِّي ولا يُؤدِّي، وأراد الله منهم أنّ لا يشربوا الخمر ولا يُقامروا، بينما نرى أنّ هناك من يشرب أو يُقامر، وهذا هو معنى تخلّف الإرادة التشريعيّة عن المراد.
وهنا نقول: إنّ الله سبحانه وتعالى عندما قال: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ هل كان يقصد الإرادة التشريعيّة أو الإرادة التكوينيّة؟ فإن كان يقصد بها الإرادة التشريعيّة، فإنّ الآية إذن لا تدلّ على العصمة أوّلاً، ولا تكون مختصّة بأهل البيت (عليهم السلام) ثانياً. أمّا أنّها لا تدلّ على العصمة، فلأنّ الإرادة التشريعيّة ـ كما قلنا ـ قد تنفكّ وتتخلّف عن المراد، فلا تكون مطابقة للمراد دائماً، فلا تثبت العصمة. وأمّا إن كان المقصود بها هو الإرادة التكوينيّة من قبيل: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾، فإنّ هذه الإرادة لا تتخلّف عن المراد، فإذا كانت إرادة الله التكوينيّة قد تعلّقت بطهارة أهل البيت(عليهم السلام) وابتعادهم عن الرجس، فإنّ هذا يعني: أنّهم المبتعدون عن الرجس حتماً، وأنّهم مطهّرون حتماً؛ إذ لا يمكن أن تتخلّف إرادة الله التكوينيّة عن المراد، إلّا أنّ هذا هو