أواخر عمره؛ وذلك لعدّة شواهد في الآية المباركة ذكرها المرحوم العلاّمة الطباطبائي(رحمه الله) في كتابه الميزان في تفسير القرآن، وهي:
1 ـ كلمة ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾ في قوله تعالى: ﴿قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي...﴾، فهذه الكلمة تشير إلى أنّ إبراهيم(عليه السلام) إمّا كانت له ذرّيّة وقتئذ أو كان(عليه السلام) قد علم أنّه سوف تكون له ذرّيّة، ولذلك قال: ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾، وأمّا إذا لم تكن له ذرّيّة ولم يكن(عليه السلام) يعلم أنّه ستكون له ذرّيّة، فلا معنى لقوله: ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾، ونحن نعلم أنّ علم النبيّ إبراهيم(عليه السلام) واطّلاعه بأنّه ستكون له ذرّيّة قد كان في أواخر أيّامه وكِبَر سنّه؛ إذ قال تعالى: ﴿وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ * قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلام عَلِيم * قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ * قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ﴾(1)، فهذا شاهد على أنّ تبشير إبراهيم(عليه السلام) بالذرّيّة قد كان بعد أن مسَّه الكِبَر. وقال تعالى أيضاً في آية اُخرى: ﴿وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَـذَا لَشَيءٌ عَجِيبٌ * قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ﴾(2).
2 ـ كلمة ﴿ابْتَلَى﴾ في قوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ...﴾،
(1) سورة الحجر، الآية: 51 ـ 55.
(2) سورة هود، الآية: 71 ـ 73.