من أجل كشف الحقيقة؛ إذ إنّ مثل هذا الأب أو المعلم لا يعرف مدى قابليّة ابنه أو تلميذه، فيريد أن يمتحنه حتّى يكشف حقيقته ويجازيه بقدر ما ينكشف له منها، فهذا هو معنى الامتحان الذي يقوم به الناس بعضهم تجاه بعض، وهذا النوع من الامتحان يجب أن يكون متقدّماً على الجزاء، ويجب أن يكون متقدّماً على المنصب الذي يُعطى، فالطبيب والمهندس وغيرهما لا يُعطَونَ الشهادة والمقام قبل أن يؤدّوا الامتحانات التي كانت بهدف كشف الحقيقة.
أمّا امتحان الله تبارك وتعالى، فهو ليس من هذا القبيل، فالله سبحانه لا يمتحن عبيده من أجل أن تنكشف له حقائقهم؛ إذ إنّه تعالى عارف بالحقائق، عالم بالسرائر، عالم بالقابليّات والرتب والمستويات، عالم بمن يخرج من الامتحان بنجاح وبمن يسقط، عالم بكلّ شيء، فليس معنى امتحان الله تبارك وتعالى للإنسان كشف حقيقته قبل إعطائه المنصب والجزاء، ولكنّ الله تبارك وتعالى حينما يعطي الإ نسان مقاماً أو منصباً أو ثواباً فإ نّ ذلك يجب أن يكون بإزاء قابليّة ما، بحيث لولا هذه القابليّة لكان تمييز ذلك الإ نسان من غيره من البشر قد يُعدّ ظلماً؛ لأنّ الشخص الذي لا يعطى الثواب العظيم أو المنصب المرموق سوف يقول لله تعالى: لماذا لم تعطني هذاالمقام؟ أو لماذا لم تعطني هذا الثواب كما أعطيت فلاناً؟
وأمّا إذا كان ذلك الشخص ( صاحب الثواب والمنصب ) يمتاز من الآخرين بتحمّل المصائب والمتاعب، والصبر على المحن