هو واضح في تعابير القرآن الكريم والحكايات والقصص المذكورة عن الأنبياء العظام(عليهم السلام)، فقد امتحن الله آدم وإبراهيمويوسف وسليمان وداود وأيّوب وسائر الأنبياء العظام عليهم الصلاة والسلام، وحتّى الأنبياء الذين اُعطوا النبـوّة في صغر سنِّهم كعيسى ويحيى(عليهما السلام).
فعيسى(عليه السلام) أصبح نبيّاً وهو في المهد صبيّاً؛ إذ قال تعالى: ﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً* قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً﴾(1).
فهنا ربّما يقول قائل: إنّ عيسى(عليه السلام) لم يمرّ بالامتحان؛ لأنّه أصبح نبيّاً وهو في المهد، وكذا الأمر بالنسبة إلى يحيى(عليه السلام)؛ إذ قال تعالى: ﴿ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّة وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً﴾(2)، فقد يقال: إنّ يحيى(عليه السلام) قد خرج عن قانون الامتحان.
ولكنّ الذي يبدو لي هو أنّ عيسى ويحيى(عليهما السلام) لم يخرجا عن نظام الامتحان الإلهي، ولم يحصلا على المقام الذي حصلا عليه مجّاناً وبلا عوض، ولم يكونا مستثنَيَين من هذه القاعدة، وهنا نحتاج إلى أن نلتفت إلى معنى الامتحان الإلهي.
إنّ الامتحان الإلهي ليس كالامتحان الذي نقوم به حينما نريد أن نمتحن بعض أبنائنا أو أطفالنا، وليس كامتحان المعلم لتلاميذه؛ إذ إنّ الامتحان الذي يقوم به الأب أو المعلّم تجاه الابن أو التلميذ إنّما هو
(1) سورة مريم، الآية: 29 ـ 30.
(2) سورة مريم، الآية: 12.