ومردّ هذا التصوّر الزائف هو استعجال النظرة وفقدانها للرؤية الاستراتيجيّة الكلّيّة لعمل وجهاد جميع الأئمّة(عليهم السلام). فصلح الإمام الحسن(عليه السلام) مع معاوية كان في حقيقة الأمر حرباً على معاوية ولكنّها كانت حرباً باردة؛ لأنّها كشفت زيف معاوية أمام الاُمّة، وأبطلت حججه واُسطورته في أذهان الكثيرين من المغفّلين به، وهذا الكشف حينما يوضع في إطار المعركة الشاملة التي قادها الأئمّة(عليهم السلام) مع الانحراف ومظاهره في المجتمع الإسلاميّ تكتمل الصورة؛ إذ يتناسق الموقف بصيغته اللاحقة مع ثورة الإمام الحسين(عليه السلام) على يزيد بن معاوية، وهكذا إلى أن يتبلور الموقف النهائي للأئمّة(عليهم السلام) في إحكام الخطّ الإسلاميّ الصحيح في المجتمع، وتحصين وحفظ شيعتهم من الذوبان في الاتجاهات الاُخرى المنحرفة.
تفسير صلح الإمام الحسن(عليه السلام) مع معاوية:
لا بُدّ من تفسير الصلح لمعرفة دواعيه وغاياته والنتائج التي تمخّضت عنه، وفي الحقيقة هناك تفسيران يفسِّران إقدام الإمام(عليه السلام)على إبرام الصلح مع معاوية: أحدهما خاصّ والآخر عامّ:
أمّا التفسير الخاصّ، فهو ما بيّنه اُستاذنا السيّد الشهيد(قدس سره) حول المرض الذي كانت الاُمّة مبتلاة به، وهو مرض الشكّ؛ إذ كانت الاُمّة تشكّ في طبيعة الصراع الذي كان ناشباً بين الإمام الحسن(عليه السلام)ومعاوية، وتتصوّره صراعاً من أجل حيازة السلطة، وليس صراعاً بين الحقّ ممثّلاً بالإمام الحسن(عليه السلام) وبين الباطل ممثّلاً بمعاوية بن