أساس خلفيّة هذا الأمر انشقّ معاوية من الانضمام إلى بيعة الإمام وحاول تعبئة الناس ضدّه، وكان هذا كلّ ما يملكه من سلاح ضدّ الإمام. أمّا الإمام فقد كان يمتلك جميع عناصر القوّة التي تمكّنه من دحر عدوّه، وقد تمكّن منه فعلاً لولا خدعة عمرو بن العاص التي قلبت مقاييس القوّة بين الإمام ومعاوية. وهذه الحقيقة بذاتها لا تدع مجالاً للمصالحة أو المساومة مع العدوّ، بل تدفع لمحاربته بغية اجتثاث جذوره، وهذا ما فعله الإمام(عليه السلام) استناداً إلى ثقته بعناصر القوّة التي يمتلكها، وضعف خصمه وعدوّه.
موقف الإمام(عليه السلام) من قضيّة الحَكَمين والخوارج:
إنّ محنة الإمام وحرجه من قضيّة الحَكَمين وقضيّة الخوارج جليّة ولا تحتاج إلى بيان؛ إذ رضخ الإمام لتحكيم الحَكَمين برغم عدم إيمانه بهما، ثُمّ ابتلى بعد ذلك باُولئك الذين رفضوا التحكيم وهم الخوارج، وكان موقف الإمام من كلتا المسألتين حرجاً؛ لأنّه ـ بطبيعة الحال ـ موقف من كلا طرفَي النقيض، أو من النقيضين المرفوضين لديه، وللاختصار وبيان مدى حرج الإمام في هاتين المسألتين نورد القصّة المعروفة التي وردت في واحدة من روايات أهل البيت(عليهم السلام)، وهي: محادثة جرت بين رأس اليهود والإمام حيث سأل رأس اليهود الإمام عليّاً(عليه السلام) عن الامتحانات التي امتحن بها محتجّاً عليه بما ورد في الكتب القديمة من أنّ الوصي يُمتحن بأربعة عشر امتحاناً: سبعة في زمن الرسول، وسبعة بعد الرسول، ويقول