المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

18

أنّه ابتلي بالحوت، كما حدّثنا القرآن الكريم في قصّته(عليه السلام)، حيث قال تعالى: ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾(1)، وقال تعالى في آية اُخرى: ﴿فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾(2)، أي: لكان جزاء خطئه الذي صدر عنه أن يلبث في بطن الحوت إلى يوم يبعثون، ولكنّ الله تعالى رحمه وتلطّف عليه وأنجاه من هذا السجن؛ لأنّه كان من المسبِّحين.

فتعبير ﴿فَأَتَمَّهُنَّ﴾ لم يرد في الأنبياء الكرام السابقين غير النبيّ إبراهيم(عليه السلام)، إذن معنى الآية المباركة ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَات فَأَتَمَّهُنَّ...﴾ هو أنّ الله سبحانه قد ابتلى نبيّه إبراهيم(عليه السلام) بكلمات (ابتلاءات)، وقد أتمّ إبراهيم(عليه السلام) تلك الكلمات التي ابتُلي بها وخرج من الامتحان بنجاح كامل، فلم يزلّ ولم يخطأ حتّى بذلك المستوى من الخطأ الذي حصل لآدم(عليه السلام)، أو ما يشابه ذلك الخطأ.

فنحن نؤمن بمبدأ العصمة، ونقول بأنّ الأنبياء العظام والأئمّة عليهم الصلاة والسلام كلّهم معصومون على ما سيأتي البحث فيه مفصّلاً إن شاء الله تعالى، ولكنّ هذا لا ينافي صدور مستوىً من «الخطأ» إن صحَّ التعبير، أو من «ترك الأولى» كما يعبَّر في لسان علمائنا الأعلام، أو من «ما لم يكن ينبغي لمقامات عالية»، كما



(1) سورة الأنبياء، الآية: 87 ـ 88.

(2) سورة الصافّات، الآية: 143 ـ 144.