المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

110

وهناك جماعة اُخرى فقراء مستضعفون، هؤلاء المستضعفون كانواملتفّين حول رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والرسول(صلى الله عليه وآله) ربّما كان يخطر على نفسه الشريفة أن يُبعد المستضعفون قليلاً حتّى يُقرّب رؤساء القوم وكبارهم منه لعلّهم يهتدون، لكنَّ الله تعالى يقول: لا، هؤلاء الفقراء فتنة لاُولئك الملأ، دعهم يقولون: ﴿أَهـؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا﴾، دعهم يقولون هكذا، ﴿أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾، الله لا ينظر إلى من هو الرئيس وزعيم القبيلة وزعيم العشيرة، فإنّ الرئيس والمرؤوس عنده تعالى سواء؛ لأنّهم جميعاً عبيده، الله ينظر إلى من هو الشاكر، والفقراء كانوا هم الشاكرين، إذن لا تطردهم يا رسول الله ﴿لاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾.

وآية ثالثة تُعطينا نفس الجوِّ، وتدلّ على أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان يُعاني من هذه المشكلة بين هؤلاء الفقراء وبين اُولئك الزعماء الذين كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يطمع في هدايتهم، والآية هي قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾(1)، ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾، يعني: اهتمّ بهؤلاء الفقراء الذين التفّوا حولك، ﴿وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾، أي: لا تنظر إلى اُولئك الكبار الذين



(1) سورة الكهف، الآية: 28.