للمجتمع، وليس لمجتمع خاصّ دون مجتمع آخر، فليس قائداً لمنطقة معيّنة دون اُخرى، بل المفروض به أن يكون قائداً للمجتمع ككلّ ولا يقبل للمجتمع التجزئة في حكمه، وليس حال الإسلام حال النظم الوضعيّة التي تفترض التجزئة وتفترض حكومة هنا وحكومة هناك، فهذا لا يُقرّه الإسلام؛ لأنّه دين واحد والإله واحد، والسلطة واحدة، والدولة واحدة، والعالم كلّه يجب أن يكون تحت راية الإسلام، وعليه فلابدّ أن يكون إمام المسلمين من حيث سعة دائرة قيادته قائداً لكلّ المجتمع. هذا من حيث سعة قيادة الإمام اُفقيّاً. وأمّا من حيث سعة قيادته عموديّاً ـ أي بالنسبة إلى شمولها عمود الأزمنة ـ فإنّ قيادة الإمام ليست مخصوصة بزمان دون آخر كزمان حياته فحسب، مثل الفقيه الذي تكون ولايته مدّة حياته وتنتهي ولايته بانتهاء حياته، أمّا الإمام فليس كذلك بل إمام لجميع الأزمنة، وهو قدوة للناس واجب الطاعة فيما يأمر وينهى.
ولو لاحظنا قيادة الفقيه ـ وهي أضيق دائرةً من قيادة الإمام حيث قد تتحدّد الاُولى بمجتمع وزمان معينين بخلاف الثانية ـ لوجدناها مع ذلك مشروطة بالعدالة والتقوى والاستقامة، وبدون ذلك لا تتحقّق للفقيه ولاية شرعاً، ولا ينقاد الناس لها، ولا تؤثّر أوامره في نفوسهم، فتسقط قيادته من الناحية الفعليّة، فلو فقد العدالة، لا يستطيع أن يهدي الناس؛ إذ إنّ فاقد الشيء لا يعطيه، والفاسق لا يستطيع أن يهدي الناس إلى الصراط المستقيم، فلن يقلّدوه، ولا يؤمنون بولايته، ولا يقتدون ولا يثقون به، فلا يقدر عندها على قيادة الناس، وكيف يُربِّي الناس من تنقُصه التربية الصالحة