المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

95

وقوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذي جَعَلَكُمْ خَلائفَ في الأرضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيه كُفْرُهِ ﴾(1)، وقوله تعالى: ﴿ وَأنْفِقُوا ممّا جَعَلَكُم مُستخلَفينَ فيه ﴾(2)، وقوله تعالى: ﴿ أَمَّن يُجيبُ الُمضْطَرَّ إذا دَعاهُ وَيكشِفُ السَّوءَ ويجعَلُكُمْ خُلَفاءَ الأرْضِ ﴾(3). والظاهر أن المراد بالخلافة في هذه الآيات هو خلافة اللّه، وهي تقتضي الحكم والإدارة، أما حملها على الخلافة بمعنى كونهم خَلَفاً لمن قبلهم، وحمل الآية الأُولى على أنه قبل آدم كان ناس آخرون في الأرض فأخبر اللّه تعالى الملائكة بأنه سيجعل في الأرض خلفاء لأُولئك الناس فهو بعيد جداً لأمرين:

الأوّل: أنّ المتكلم لو قال: جعلت فلاناً خليفة ولم يذكر المستخلف عنه فظاهر ذلك أنه يقصد جعله خليفة عن نفس المتكلم، فإنّ فرض مستخلف عنه آخرغير المتكلّم تعتبر فيه مؤونة زائدة تحتاج إلى الذكر، فالمتكلّم نفسه له نوعحضور في كلامه يستغني بذلك عن ذكره، لكن لو قصد الاستخلاف عن شخص آخر فالمناسب ذكره في سياق الكلام، وبهذا يتّضح الفرق بين هذه الآياتوآيات أُخرى من قبيل قوله تعالى: ﴿ ولقد أَهْلَكْنا القُرونَ مِنْ قَبلِكُم لمّا ظَلَموا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بالْبيّنات وَما كانوا ليُؤْمنوا كذلك نجزي القومَ المجرمين * ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائفَ في الأرْض مِنْ بَعْدِهِمْ لننظُرَ كيف تعملون ﴾(4)، وقوله تعالى: ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَنجينْاهُ وَمَن مَعَهُ في الفُلْكِ وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ وَأغْرَقْنا الّذينَ كَذَّبُوا


(1) سورة فاطر: الآية 39.

(2) سورة الحديد: الآية 7.

(3) سورة النمل: الآية 62.

(4) سورة يونس: الآية 13 ـ 14.