بسبب جوّ الاختناق الطاغي وقتئذ على الوضع الاجتماعي من قبل الطغاة المتحكّمين ،فمن المترقّب أن يردنا الذمّ الكثير إمّا كذباً بدسّ أعوان الظلمة للأكاذيب في صالح السلطة، أو تقية من قبل الإمام (عليه السلام)، فلو لم يصلنا ولا ذمّواحد ووصلنا المدح كان ذلك قرينة قطعية على مشروعية الخروج قبل الظهورفي الجملة، وأنّ كلّ نصّ ورد قبل هذا التاريخ على المنع لو كان صادراًحقّاً من المعصوم وقصد به الإطلاق فهو محمول على التقيّة، وليس مراداًبالإرادة الجديّة.
ويشهد لذلك أنّ روايات المنع معارضة بروايات عديدة دلّت على مشروعية الخروج قبل الظهور في الجملة، وقد أوردناها في كتابنا «الكفاح المسلح في الإسلام»، وهي غير تامّة سنداً إلاّ رواية واحدة منها، وهي ما مضى من رواية العيص التامّة سنداً، والتي ورد فيها قوله: «ولا تقولوا خرج زيد فإنّ زيداً كان عالماً، وكان صدوقاً، ولم يدعكم إلى نفسه، وإنّما دعاكم إلى الرضا من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه...»(1).
وبغضّ النظر عن كلّ ما ذكرناه يأتي هنا أيضاً ما أشرنا إليه في روايات مشروطية الجهاد بحضور الإمام من أنّ إسقاط الحكومات الاستعمارية المعادية للإسلام دفاع عن بيضة الإسلام والمسلمين، فلا شكّ في وجوبه وعدم مشموليته لما هو المقصود من إطلاقات المنع لو تمّت سنداً ودلالة.
هذا تمام ما أردنا أن نبيّنه هنا باختصار حول جواز الخروج على الطغاة في عصر الغيبة ومحاولة إقامة الحكم الإسلامي.
(1) وسائل الشيعة 11: 36، الباب 13 من أبواب جهاد العدو، الحديث الأوّل.