المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

525

معنونه، فالطبيعة تفنى في حقيقتها ومفهوم كلّ أحد يفنى في كلّ واحد من الأفراد ومفهوم أحد الأفراد يفنى في واقع أحد الأفراد، ومعنى فنائه ما عرفت من لحاظه بحمله الأوّليّ، فلا يرد عليه ما سيأتي من إشكال الفرد المردّد على التفسير الآتي للفناء.

ويمكن أن يفسّر الفناء بمعنى آخر، وهو: أنّ المفهوم الذي يكون في عالم النفس ترى النفس به الأفراد الخارجيّة، وعندئذ يمكن أن يدّعى أنّه تارةً: ترى النفس به تمام الأفراد وهو عبارة عن الفناء في تمام الأفراد، واُخرى: ترى النفس به أحد الأفراد وهو عبارة عن الفناء في أحد الأفراد.

وبكلمة اُخرى: إنّ الطبيعة تارة: تلحظ بما هي بحيث لا يسري هذا اللحاظ إلى الأفراد فلا فناء، واُخرى: تلحظ بحيث يسري هذا اللحاظ من الطبيعة إلى تمام أفرادها أو أحد أفرادها.

ويرد عليه:

أوّلاً: ما برهن عليه في محلّه من أنّ النفس يستحيل أن ترى ما في وراء عالمها، كما أنّ دعوى سراية اللحاظ من الطبيعة إلى الأفراد أيضاً غير مسموعة، فإنّ اللحاظ المتعلّق بالطبيعة حاله حال سائر الصفات النفسانيّة المتعلّقة بها، ولا يعقل سريان شيء منها إلى الأفراد، فمثلاً لو تعلّق العلم بالطبيعة ـ كما لو علم إجمالاً بوجود طبيعة الإنسان في الدار ـ لم يسر هذا العلم من الطبيعة إلى الفرد، وكذا من أحبّ طبيعة العالم مثلاً لا يسري هذا الحكم إلى أفراد العالم، فربّما يبغض جميع أفراده الموجودة في الخارج لأغراض شخصيّة معهم مثلاً.

وثانياً: أنّ الفناء بأحد هذين المعنيين الأخيرين في أحد الأفراد على سبيل البدل ـ بعد فرض صحّة أصل هذا المعنى للفناء ـ غير صحيح؛ لأنّه إن اُريد بأحد