المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

408

مطلقاً؛ وذلك لأنّه قد يتّفق أنّ العامّ يكون معارضاً لأصل شرطيّة الشرط وكان الأخذ به موجباً لرفع اليد رأساً عمّا تدلّ عليه أداة الشرط من العلّيّة أو اللزوم بالوضع أو ما يشبهه من الظهور السياقيّ، لا لثبوت عدل لذلك الشرط.

مثاله: ما لو قال: (خلق الله كلّ ماء طهوراً لا ينجّسه شيء)، وهذا هو العامّ، وقال: (إذا بلغ الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء)، وهذا هو المنطوق، فإنّه في مثل هذا المثال لو قدّم العامّ على المفهوم كان لازم ذلك رفع اليد عن أصل شرط الكرّيّة لا مجرّد فرض عدل للكرّيّة.

ثمّ إنّ ما ذكرناه ـ من أنّ العامّ والمفهوم لو تساويا في كونهما بالوضع أو بالإطلاق قدّم الأظهر منهما على الظاهر، أو الأقوى على الأضعف ـ قد يورد عليه في فرض ما إذا كانا معاً بالإطلاق بأنّ أقوائيّة إطلاق من إطلاق لا تتصوّر؛ لأنّ الدليل على الإطلاق دائماً شيءٌ واحد وهو مقدّمات الحكمة وكون المتكلّم بصدد البيان، ولا معنى لاختلاف أفراد هذا الدالّ قوّة وضعفاً باختلاف الموارد.

والجواب: أنّ كون المتكلّم بصدد البيان وإن كان شيئاً واحداً، ولكن كونه بصدد البيان لم يكن محرزاً باليقين والقطع كي يقال: إنّ مرتبة الدلالة إذن واحدة؛ لأنّ العلم واليقين بالمعنى الاُصوليّ ليست له مراتب وإن عُقلت له مراتب بمعنى آخر، وإنّما الدليل على كون المتكلّم في مقام البيان إنّما هو ظهور حاله في ذلك، وظهور الحال هذا له مراتب كثيرة ويختلف باختلاف الموارد كما هو واضح.

فمثلاً يختلف الحال فيما لو كان الانقسام الكذائيّ من الانقسامات الواضحة، فيكون ظهور الحال في كون المتكلّم في مقام البيان أقوى منه في الانقسامات غير الواضحة، فلو قال المولى: (أكرم إنساناً) فظهوره الإطلاقيّ من ناحية كونه عالماً أو جاهلاً أقوى منه من ناحية كونه ذا رأس واحد أو رأسين مثلاً.