المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

345

 

دوران الأمر بين التخصيص والتخصّص

الجهة الثالثة: في أنّه إذا دار الأمر بين التخصيص والتخصّص فهل يحمل على التخصّص لمكان أصالة العموم أو لا ؟ فلو قال: (أكرم كلّ عالم) وقال أيضاً: (لا تكرم زيداً) فهل يثبت بذلك عدم كون زيد عالماً حتّى يترتّب على ذلك نفي تمام آثار العلم وإثبات تمام آثار نقيض العلم، أو ضدّه الذي لا ثالث له، أو لا يثبت بذلك عدم علمه، وإنّما المتيقّن عدم وجوب إكرامه ؟ ويتأتّى عين هذا الكلام بالنسبة إلى المطلق والمقيّد. والمصاديق لهذا البحث في الاُصول والفقه كثيرة:

منها: تمسّك بعضهم في الاُصول على أنّ الأمر للوجوب بقوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ...﴾، فإنّه مبتن على كون التخصّص والتقيّد مقدّماً على التخصيص والتقييد، حيث يقال: إنّ الأوامر الاستحبابيّة الخارجة قطعاً عن تحت التحذير على مخالفته إن كانت أمراً حقيقة كان خروجها تقييداً وإلّا كان تخصّصاً، والثاني أولى من الأوّل.

ومنها: تمسّك بعضهم في الاُصول على القول بالصحيح بقوله تعالى: ﴿الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَر﴾، فإنّه مبتن على أولويّة التخصّص والتقيّد من التخصيص والتقييد، حيث يقال: إنّ الصلاة الباطلة الخارجة عن الناهية عن الفحشاء والمنكر قطعاً إن كانت صلاة حقيقة لزم التقييد وإلّا لزم التخصّص، والثاني أولى.

ومنها: ما يقال في الفقه في مسألة طهارة ماء الاستنجاء وعدمها، حيث إنّه ورد في ذلك بعض الأخبار، وذهب بعضهم إلى أنّه لا يدلّ في نفسه على طهارة ماء الاستنجاء وإنّما يدلّ على عدم لزوم الاجتناب عنه ولكن تثبت طهارة ماء