لا على استيعاب الأصناف، سواءً كانت أداة العموم مثل كلمة (كلّ)، أم كانت لام الجمع بناءً على دلالتها على العموم لتعيينها للجمع في المرتبة الأخيرة:
أمّا الثاني: فواضح، فإنّ المرتبة الأخيرة تستوعب تمام الأفراد الجزئيّة، فإنّ الجمع جمع للأفراد لا للأصناف، فلو قيل: (أكرم ثلاثة رجال) كان معناه: أكرم ثلاثة أفراد من الرجال، لا: أكرم ثلاثة أصناف من الرجال.
وأمّا الأوّل: فليس لنا برهان فنّيّ على أنّ أداة العموم تدلّ على استيعاب الأفراد الجزئيّة لا الأصناف، كما كان لنا ذلك في خصوص لام الجمع، لكن نقول ـ بحسب الفهم العرفيّ ـ: إنّ الظاهر من قوله: (أكرم كلّ عالم) هو إرادة كلّ فرد فرد من الأفراد الشخصيّة، ولا يرى العرف فرقاً بين إفادة العموم بكلمة (كلّ) وإفادته بلام الجمع.
والخلاصة: أنّ أداة العموم إنّما تكون ظاهرة في استيعاب الأفراد لا الأصناف إلّا إذا عدّ الصنف فرداً، فعندئذ تدلّ على استيعاب الأصناف من باب أنّه ـ على الفرض ـ استيعاب للأفراد.
إذا ظهر لك ذلك تبيّن لك أنّ قوله: (أكرم كلّ عالم) إنّما يدلّ بالعموم على أنّ موضوع الحكم ليس هو هذا الفرد بالخصوص أو ذاك الفرد بالخصوص، بل كلّ فرد من أفراد العلماء يكون موضوعاً لهذا الحكم حتّى لو كان فاسقاً. نعم، يدلّ بالإطلاق على أنّ حالة العدالة والفسق ليست دخيلة في الحكم ولا يدلّ بالوضع على عموم أحواله، فإنّه لم يقل: (أكرم كلّ عالم في كلّ حال)، وإنّما قال: (أكرم كلّ عالم)، فإذا ورد بعد ذلك: (لا تكرم فسّاق العلماء) فليس ذلك تخصيصاً للعامّ وإنّما هو تقييد للمطلق؛ لأنّ هذا الكلام لا يخرج فرداً من الأفراد حتّى الفاسق منهم بما هو عن تحت العموم، بحيث لا يكون ذاك الفاسق بعدُ موضوعاً للحكم،