وأن يكون مختصّاً بمرتكب الكبيرة فعندئذ لا مجال للتمسّك بالعامّ؛ لأنّ المفروض توقّف العموم على مقدّمات الحكمة التي إحداها عدم ورود القرينة ولو منفصلةً، وهذه المقدّمة لم تحرز؛ إذ من المحتمل كون قوله: (لا تكرم فسّاق العلماء) قرينة عند العرف على عدم وجوب إكرام مرتكب الصغيرة، غاية الأمر أنّ القرينة لم تصله؛ لعدم إحرازه لظهور الفاسق في مطلق المذنب.
بل حتّى في هذا الفرض أيضاً بالإمكان أن يقال بجواز التمسّك بالعامّ؛ وذلك لاستصحاب عدم ورود القرينة(1)، وهذا نظير استصحاب وثاقة الراوي.
هذا تمام الكلام في المخصّص المجمل مفهوماً للعامّ، ويأتي نظير ما ذكرناه في المخصّص للعامّ بالنسبة للمقيّد المجمل مفهوماً بالقياس إلى مطلقه:
فإن كان متّصلاً لم يصحّ التمسّك بالمطلق، سواءً كان مردّداً بين الأقلّ والأكثر أو مردّداً بين المتباينين؛ لأنّه مادام متّصلاً فقد هدم أصل الظهور الإطلاقيّ.
وإن كان منفصلاً مردّداً بين المتباينين فرفعه لأصل الظهور الإطلاقيّ أو لحجّيّته مبتن على كون قوام الإطلاق بعدم القرينة المنفصلة أو بخصوص عدم القرينة المتّصلة.
وإن كان منفصلاً مردّداً بين الأقلّ والأكثر، فإن قلنا بأنّ قوام الإطلاق بعدم القرينة ولو المنفصلة فيأتي ما مضى من صحّة التمسّك بالإطلاق رأساً على تقدير، والاحتياج إلى استصحاب عدم القرينة على تقدير آخر(2).
(1) لا يخفى أنّه بناءً على أنّ أصالة العموم ترجع إلى أصالة الظهور قد يقال: إنّ استصحاب عدم القرينة لا يثبت الظهور إلّا على مبنى الاعتماد على الأصل المثبت. نعم، لو كان الخاصّ متأخّراً زماناً وافترضنا أنّه ينهدم ظهور العامّ من حين صدور الخاصّ أمكن استصحاب الظهور.
(2) وتأتي هنا أيضاً الملاحظتان اللتان بيّنّاهما في التعليقين السابقين.