وجوب إكرام كليهما. وإن اُريد إثبات وجوب إكرام خصوص واحد منهما دون الآخر كان ترجيحاً بلا مرجّح.
نعم، بقي في البين أنّه هل يمكن أن يثبت بالعامّ أنّ غير الفرد المعلوم إجمالاً عدم وجوب إكرامه يجب إكرامه، فيتشكّل علم اجماليّ بوجوب إكرام أحد الزيدين، أو لا؟ وهذا البحث يأتي في المسألة السابقة أيضاً.
وقد ذهب المحقّق العراقيّ(قدس سره) في المقام بالنسبة إلى كلّ من المسألتين إلى تفصيل بيانه:
أنّ الحكم الثابت في العامّ تارةً يكون طلبيّاً، واُخرى لا يكون طلبيّاً:
فإن كان طلبيّاً صحّ التمسّك بالعامّ لإثبات وجوب إكرام الفرد الآخر غير المعلوم إجمالاً خروجه، أو استحبابه مثلاً إن كان الحكم استحبابيّاً، وأثره هو أنّ العبد يمتثل ذلك الطلب لزوماً أو رجحاناً بإكرام كلا طرفي العلم الإجماليّ.
وإن كان غير طلبيّ كما لو قال المولى: (لا يجب إكرام عالم إلّا زيداً)، وكان هناك عالمان مسمّيان بزيد، فلا يصحّ التمسّك بالعامّ لإثبات عدم وجوب إكرام الفرد الآخر غير الفرد المعلوم بالإجمال خروجه تخصيصاً؛ وذلك لعدم ترتّب أثر عليه، فإنّ إثبات إباحة شيء مردّد لا يكون مثمراً لثمرة وليس كإثبات إباحة شيء معيّن المثمر لتوسعة للعبد في مقام العمل من ناحيته، فلا يصحّ القول بحجّيّة العامّ؛ لعدم الأثر(1).
أقول: إنّ في موارد الأحكام غير الطلبيّة أيضاً ربما يتّفق ترتّب الثمرة على التمسّك بالعامّ، وذلك كما في قوله: «كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» بناءً على
(1) راجع المقالات، ج 1، المقالة: 31، ص 439 بحسب طبعة مجمع الفكر الإسلاميّ.