لم تتمّ الدعوى الثانية فالدعوى الاُولى غير كافية؛ إذ من أين نحرز ملاك الحرمة إذا لم نقل بعدم تبعيّة الالتزاميّة للمطابقيّة.
التقريب الثاني: مركّب من أمرين:
الأوّل: دعوى إمكان إثبات الملاك في المقام بالرغم من سقوط الحرمة لا بالدلالة الالتزاميّة ـ كما هو الحال في التقريب الأوّل كي يقال: إنّها سقطت بسقوط المطابقيّة ـ بل بحديث الرفع المسوق للامتنان حيث يقال: إنّه لو
المادّة مطلقة بلحاظ الملاك.
وأمّا بطلانه بناءً فلأنّه هب أنّ الملاك باق ولكنّ الملاك لم يكن يخلق عدم الوجوب على شاكلة خلقه للحرمة حتّى يقال: إنّه إذا عجز عن خلق الحرمة لعدم قدرة المكلّف، يبقى يخلق عدم الوجوب إذ لا مانع من ذلك، فإنّنا وإن كنّا نقبل أنّ الضدّ وعدم الضدّ الآخر متلازمان وعرضيّان ومعلولان لشيء واحد، وليس أحدهما علّة للآخر كما نقّح ذلك في بحث الضدّ، لكن لا يعني هذا أنّه يصدر عن تلك العلّة أحد الضدّين وعدم الضدّ الآخر على شكل خلق الأثر، فإنّ هذا مستحيل؛ لأنّه كما يستحيل صدور الوجود من العدم لعدم التسانخ بين الوجود والعدم، كذلك يستحيل صدور العدم من الوجود بنفس دليل لزوم التسانخ بين العلّة والمعلول، وإنّما نقول بأنّ علّة الضدّ علّة لعدم الضدّ الآخر بمعنى مانعيّته عن تأثير علّة الضدّ الآخر؛ لأنّ المقرّب إلى أحد الضدّين مبعّد عن الضدّ الآخر بحسب التباعد الموجود بين الضدّين، فكلّ تقريب إلى أحد الضدّين تبعيد عن الضدّ الآخر بفعّاليّة واحدة، وليس هذا التقريب وذاك التبعيد بفعّاليّتين، فإن عجزت العلّة لمانع عن التقريب إلى أحد الضدّين ـ وهو الحرمة في المقام ـ عجزت لا محالة عن التبعيد عن الضدّ الآخر وهو الوجوب، فيثبت انبساط الوجوب على مادّة الاجتماع وتصحّ الصلاة كما قاله المشهور.