مفاد صيغة النهي:
الجهة الاُولى: في مفاد صيغة النهي.
قد اشتهر في لسان جملة من الاُصوليّين: أنّ النهي والأمر مفادهما الطلب، إلاّ أنّ الأمر هو طلبٌ للفعل والنهي طلبٌ للترك.
وقد اشتهر في لسان جملة من المتأخّرين رفض كون الفرق بين الأمر والنهي في المتعلّق مع اتّحادهما في أصل معنى الطلب، وقالوا: إنّ هناك تبايناً بين مفادي الأمر والنهي غير راجع إلى اختلاف المتعلّقين.
وبإمكاننا تصنيف كلمات الرافضين لكون النهي كالأمر إلى ثلاث كلمات: الاُولى ما نسبه السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ إلى مشهور المعترضين على الرأي السابق. والثانية رأي السيّد الاُستاذ نفسه. والثالثة كلمتنا في المقام:
أمّا الكلمة الاُولى: فهي عبارة عن أنّ الأمر يدلّ على طلب الطبيعة والتحريك نحوها، والنهي يدلّ على الزجر عن الطبيعة والتبعيد عنها.
وهذا الكلام إن كان المقصود به مجرّد الإتيان بفرضيّة معقولة اُخرى في قبال ما قالوه: من أنّ مفاد النهي كالأمر هو الطلب وأنّ الفرق في المتعلّق، فهو أمر معقول كما سيتّضح، ولكنّه غير مشتمل على البرهان على المقصود. وإن كان المقصود به الاستدلال على رفض كون مفاد النهي هو الطلب، فلا يوجد في هذا المقدار من البيان دليل على ذلك، إلاّ إذا قصد الاستدلال بالوجدان العرفيّ واللغويّ، وهو صحيح إضافةً إلى ما سيأتي إن شاء الله من المنبّهات لهذا الوجدان.